إنكارهم، فلما أخبر ببيت المقدس، وبان لهم صدقه فيما أخبرهم به من العلامات الصادقة، أخبر بمعراجه.
قوله تعالى: * (لنريه من آياتنا) * يعني: ما رأى تلك الليلة من العجائب التي أخبر بها الناس. * (إنه هو السميع) * لمقالة قريش، * (البصير) * بها. وقد ذكرنا في كتابنا المسمى ب " الحدائق " أحاديث المعراج، وكرهنا الإطالة هاهنا.
وآتينا موسى الكتاب وجعلناه هدى لبني إسرائيل ألا تتخذوا من دوني وكيلا " 2 " ذرية من حملنا مع نوح إنه كان عبدا شكورا " 3 " قوله تعالى: * (وآتينا موسى الكتاب) * لما ذكر في الآية الأولى إكرام محمد صلى الله عليه وسلم، ذكر في هذه كرامة موسى. و * (الكتاب) *: التوراة. * (وجعلناه هدى لبني إسرائيل) * أي: دللناهم به على الهدى. * (ألا تتخذوا) * قرأ أبو عمرو: " يتخذوا " بالياء، والمعنى: هديناهم لئلا يتخذوا وقرأ الباقون بالتاء، قال أبو علي: وهو على الانصراف إلى الخطاب بعد الغيبة، مثل * (الحمد لله) * ثم قال * (إياك نعبد) *.
قوله تعالى: * (وكيلا) * قال مجاهد: شريكا. وقال الزجاج: ربا. قال ابن الأنباري: وإنما قيل للرب: وكيل، لكفايته وقيامه بشأن عباده، من أجل أن الوكيل عند الناس قد علم أنه يقوم بشؤون أصحابه، وتفقد أمورهم، فكان الرب وكيلا من هذه الجهة، لا على معنى ارتفاع منزلة الموكل وانحطاط أمر الوكيل.
قوله تعالى: * (ذرية من حملنا) * قال مجاهد: هو نداء: يا ذرية من حملنا. قال ابن الأنباري: من قرأ: " ألا تتخذوا " بالتاء، فإنه يقول: بعد الذرية مضمر حذف اعتمادا على دلالة ما سبق، تلخيصه: يا ذرية من حملنا مع نوح لا تتخذوا وكيلا، ويجوز أن يستغني عن الإضمار بقوله [تعالى]: * (إنه كان عبدا شكورا) * لأنه بمعنى: اشكروني كشكره. ومن قرأ: " ألا يتخذوا " بالياء، جعل النداء متصلا بالخطاب، و " الذرية " تنتصب بالنداء، ويجوز نصبها بالاتخاذ على أنها مفعول ثان، تلخيص الكلام: ألا يتخذوا ذرية من حملنا مع نوح وكيلا. قال قتادة:
الناس كلهم ذرية من أنجى الله في تلك السفينة.