قوله تعالى: * (ليس عليكم جناح أن تأكلوا جميعا) * في سبب نزول هذا ثلاثة أقوال:
أحدها: أن حيا من بني كنانة يقال لهم: بنو ليث كانوا يتحرجون أن يأكل الرجل الطعام وحده، فربما قعد الرجل والطعام بين يديه من الصباح إلى الرواح، فنزلت هذه الآية، قاله قتادة والضحاك.
والثاني: أن قوما من الأنصار كانوا لا يأكلون إذا نزل بهم ضيف إلا مع ضيفهم، فنزلت هذه الآية، ورخص لهم أن يأكلوا جميعا أو أشتاتا، قاله عكرمة.
والثالث: أن المسلمين كانوا يتحرجون من مؤاكلة أهل الضر خوفا من أن يستأثروا عليهم، ومن الاجتماع على الطعام، لاختلاف الناس في مأكلهم وزيادة بعضهم على بعض، فوسع عليهم، وقيل: " ليس عليكم جناح أن تأكلوا جميعا " أي: مجتمعين " أو أشتاتا " أي: متفرقين، قاله ابن قتيبة.
قوله تعالى: * (فإذا دخلتم بيوتا) * فيها ثلاثة أقوال:
أحدها: أنها بيوت أنفسكم، فسلموا على أهاليكم وعيالكم، قاله جابر بن عبد الله، وطاووس، وقتادة.
والثاني: أنها المساجد، فسلموا على من فيها، قاله ابن عباس.
والثالث: بيوت الغير، فالمعنى: إذا دخلتم بيوت غيركم فسلموا عليهم، قاله الحسن.
قوله تعالى: * (تحية) * قال الزجاج: هي منصوبة على المصدر، لأن قوله: * (فسلموا) * بمعنى: تحيوا أو يحيي بعضكم بعضا تحية، * (من عند الله) * قال مقاتل * (مباركة) * بالأجر، * (طيبة) * أي: حسنة.
إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله وإذا كانوا معه على أمر جامع لم يذهبوا حتى يستأذنوه إن الذين يستأذنونك أولئك الذين يؤمنون بالله ورسوله فإذا استأذنوك لبعض شأنهم فأذن لمن شئت منهم واستغفر لهم الله إن الله غفور رحيم " 62 " قوله تعالى: * (وإذا كانوا معه) * يعني: مع رسول الله [صلى الله عليه وسلم] * (على أمر جامع) * أي:
على أمر طاعة يجتمعون عليها، نحو الجهاد والجمعة والعيد ونحو ذلك * (لم يذهبوا حتى يستأذنوه) * قال المفسرون: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صعد المنبر يوم الجمعة، وأراد الرجل أن يخرج من المسجد لحاجة أو عذر، لم يخرج حتى يقوم بحيال رسول الله [صلى الله عليه وسلم] حيث يراه، فيعرف أنه