أحدهما: أنه نسخ [حد] القذف وإسقاط الشهادة معا، وهذا قول عكرمة، والشعبي، وطاووس، ومجاهد، والقاسم بن محمد، والزهري، والشافعي، وأحمد.
والثاني: أنه يعود إلى الفسق فقط، وأما الشهادة، فلا تقبل أبدا، قاله الحسن، وشريح، وإبراهيم، وقتادة. فعلى هذا القول انقطع الكلام عند قوله: " أبدا "; وعلى القول الأول وقع الاستثناء على جميع الكلام، وهذا أصح، لأن المتكلم بالفاحشة لا يكون أعظم جرما من راكبها، فإذا قبلت شهادة المقذوف بعد ثبوته، فالرامي أيسر جرما، وليس القاذف بأشد جرما من الكافر، فإنه إذا أسلم قبلت شهادته.
والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين " 6 " والخامسة أن لعنت الله عليه إن كان من الكاذبين " 7 " ويدرؤا عنها العذاب أن تشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين " 8 " والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين " 9 " ولولا فضل الله عليكم ورحمته وأن الله تواب حكيم " 10 " قوله تعالى: * (والذين يرمون أزواجهم) * سبب نزولها أن هلال بن أمية وجد عند أهله رجلا، فرأى بعينه وسمع بأذنه، فلم يهجه حتى أصبح، فغدا على رسول الله [صلى الله عليه وسلم]، فقال: يا رسول الله:
إني جئت أهلي، فوجدت عندها رجلا، فرأيت بعيني وسمعت بأذني، فكره رسول الله [صلى الله عليه وسلم] ما جاء به، واشتد عليه، فقال سعد بن عبادة: الآن يضرب رسول الله هلالا ويبطل شهادته، فقال هلال:
والله إني لأرجو أن يجعل الله لي منها مخرجا، فوالله إن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يريد أن يأمر بضربه نزل عليه الوحي، فنزلت هذه الآية، رواه عكرمة عن ابن عباس. وفي حديث آخر أن الرجل الذي قذفها به شريك بن سحماء، وأن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال لهلال حين قذفها: " ائتني بأربعة شهداء، وإلا فحد في ظهرك "، فنزلت هذه الآية، فنسخ حكم الجلد في حق الزوج القاذف.