فقال المفسرون: هو المغارة في الجبل، إلا أنه واسع، فإذا صغر، فهو غار. قال ابن الأنباري: قال اللغويون: الكهف بمنزلة الغار في الجبل.
فأما الرقيم، ففيه ستة أقوال:
أحدها: أنه لوح من رصاص كانت فيه أسماء الفتية مكتوبة ليعلم من اطلع عليهم يوما من الدهر ما قصتهم، قاله أبو صالح عن ابن عباس، وبه قال وهب بن منبه، وسعيد بن جبير في رواية.
وقال السدي: الرقيم: صخرة كتب فيها أسماء الفتية، وجعلت في سور المدينة. وقال مقاتل:
الرقيم: كتاب كتبه رجلان صالحان، وكانا يكتمان إيمانهما من الملك الذي فر منه الفتية، كتبا أمر الفتية في لوح من رصاص، ثم جعلاه في تابوت من نحاس، ثم جعلاه في البناء الذي سدوا به باب الكهف، فقالا: لعل الله أن يطلع على هؤلاء الفتية، فيعلمون أمرهم إذا قرؤوا الكتاب.
وقال الفراء: كتب في اللوح أسماؤهم، وأنسابهم، ودينهم، وممن كانوا، قال أبو عبيدة، وابن قتيبة:
الرقيم: الكتاب، وهو فعيل بمعنى مفعول، ومنه: كتاب مرقوم، أي: مكتوب.
والثاني: أنه اسم القرية التي خرجوا منها، قاله كعب.
والثالث: اسم الجبل، قاله الحسن، وعطية.
والرابع: أن الرقيم: الدواة، بلسان الروم، قاله عكرمة ومجاهد في رواية.
والخامس: اسم الكلب، قاله سعيد بن جبير.
والسادس: اسم الوادي الذي فيه الكهف، قاله قتادة: والضحاك.
قوله تعالى: * (كانوا من آياتنا عجبا) * قال المفسرون: ومعنى الكلام: أحسبت أنهم كانوا أعجب آياتنا؟! قد كان في آياتنا ما هو أعجب منهم، فإن خلق السماوات والأرض وما بينهما أعجب من قصتهم. وقال ابن عباس: الذي آتيتك من الكتاب والسنة والعلم، أفضل من شأنهم.
قوله تعالى: * (إذ أوى الفتية) * قال الزجاج: معنى: أووا إليه، وجعلوه مأواهم.
والفتية: جمع فتى، مثل غلام وغلمة، وصبي وصبية. و " فعلة " من أسماء الجمع، وليس ببناء يقاس عليه; لا يجوز غراب وغربة، ولا غني وغنية، وقال بعض المفسرين: الفتية: بمعنى الشبان.
وقد ذكرنا عن القتيبي أن الفتى: بمعنى الكامل من الرجال، وبيناه في قوله [تعالى]: * (من فتياتكم المؤمنات) *.