والثالث: ندما، حكاه ابن قتيبة عن أبي عبيدة.
والرابع: كان أمره التفريط، والتفريط: تقديم العجز، قاله الزجاج.
وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر إنا أعتدنا للظالمين نارا أحاط بهم سرادقها وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوى الوجوه بئس الشراب وساءت مرتفقا " 29 " قوله تعالى: * (وقل الحق من ربكم) * قال الزجاج: المعنى: وقل الذي أتيتكم به، الحق من ربكم.
قوله تعالى: * (فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) * فيه ثلاثة أقوال:
أحدها: فمن شاء الله فليؤمن، روي عن ابن عباس.
والثاني: أنه وعيد وإنذار، وليس بأمر، قاله الزجاج.
والثالث: أن معناه: لا تنفعون الله بايمانكم، ولا تضرونه بكفركم، قاله الماوردي. وقال بعضهم: هذا إظهار للغنى، لا إطلاق في الكفر.
قوله تعالى: * (إنا أعتدنا) * أي: هيأنا، وأعددنا، وقد شرحناه في قوله: * (وأعتدت لهن متكأ) * فأما الظالمون، فقال المفسرون: هم الكافرون. وأما السرادق، فقال الزجاج:
السرادق: كل ما أحاط بشئ، نحو الشقة في المضرب، أو الحائط المشتمل على الشئ. وقال ابن قتيبة: السرادق: الحجرة التي تكون حول الفسطاط. وقرأت على شيخنا أبي منصور اللغوي، قال: السرادق فارسي معرب، وأصله بالفارسية سرادار، وهو الدهليز، قال الفرزدق:
- تمنيتهم حتى إذا ما لقيتهم * تركت لهم قبل الضراب السرادقا - وفي المراد بهذا السرادق قولان:
أحدهما: أنه سرادق من نار، قاله ابن عباس. روى أبو سعيد الخدري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " لسرادق النار أربعة جدر كثف، كل جدار منها مسيرة أربعين سنة ". وفي رواية أبي صالح عن ابن عباس، قال: السرادق: لسان من النار، يخرج من النار فيحيط بهم حتى يفرغ من حسابهم.