باللغة والتفسير: في هذه الآية تقديم وتأخير، تقديرها: أنزل على عبده الكتاب * (قيما) * أي:
مستقيما عدلا. وقرأ أبو رجاء، وأبو المتوكل، وأبو الجوزاء، وابن يعمر، والنخعي، والأعمش:
" قيما " بكسر القاف، وفتح الياء، وقد فسرناه في الأنعام.
قوله تعالى: * (ولم يجعل له عوجا) * أي: لم يجعل فيه اختلافا، وقد سبق بيان العوج في [سورة] آل عمران.
قوله تعالى: * (لينذر بأسا) * أي: عذابا شديدا، * (من لدنه) * أي: من عنده، ومن قبله، والمعنى: لينذر الكافرين * (ويبشر المؤمنين) * أي: بأن لهم * (أجرا حسنا) * وهو الجنة. * (ماكثين) * أي: مقيمين، وهو منصوب على الحال. * (وينذر) * بعذاب الله * (الذين قالوا اتخذ الله ولدا) * وهم اليهود حين قالوا: عزير ابن الله، والنصارى حين قالوا: المسيح ابن الله، والمشركون حين قالوا:
الملائكة بنات الله، * (ما لهم به) * أي. بذلك القول * (من علم) * لأنهم قالوا افترء على الله، * (ولا لآبائهم) * الذين قالوا ذلك، * (كبرت) * أي: عظمت * (كلمة) * الجمهور على النصب. وقرأ ابن مسعود، والحسن، ومجاهد، وأبو رزين، وأبو رجاء، ويحيى بن يعمر، وابن محيصن، وابن أبي عبلة: " كلمة " بالرفع. قال الفراء: من نصب، أضمر: كبرت تلك الكلمة كلمة، ومن رفع، لم يضمر شيئا، كما تقول: عظم قولك. وقال الزجاج: من نصب، فالمعنى: كبرت مقالتهم: اتخذ الله ولدا كلمة، و " كلمة " منصوب على التمييز. ومن رفع، فالمعنى: عظمت كلمة هي قولهم: اتخذ الله ولدا.
قوله تعالى: * (تخرج من أفواههم) * أي: إنها قول بالفم لا صحة لها، ولا دليل عليها، * (إن يقولون) * أي: ما يقولون * (إلا كذبا) * ثم عاتبه على حزنه لفوت ما كان يرجو من إسلامهم، فقال:
* (فلعلك بأخ نفسك) * وقرأ سعيد بن جبير، وأبو الجوزاء، وقتادة: " باخع نفسك " بكسر السين، على الإضافة. قال المفسرون واللغويون. فلعلك مهلك نفسك، وقاتل نفسك، وأنشد أبو عبيدة لذي الرمة:
- ألا أيهذا الباخع الوجد نفسه * لشئ نحته عن يديه المقادر - أي: تحته.
فإن قيل: كيف قال: * (فلعلك) * والغالب عليها الشك، والله عالم بالأشياء قبل كونها؟
فالجواب: أنها ليست بشك، إنما هي مقدرة تقدير الاستفهام الذي يعني به التقرير، فالمعنى: