مذهب سعيد بن جبير. قال الزجاج: ومثله في الكلام: أمرتك فعصيتني، فقد علم أن المعصية مخالفة الأمر.
والثاني: يقال: أمرت الشئ وآمرته، أي: كثرته، ومنه قولهم: مهرة مأمورة، أي: كثيرة النتاج، يقال: أمر بنو فلان يأمرون أمرا: إذا كثروا، هذا قول أبي عبيدة، وابن قتيبة.
والثالث: أن معنى " أمرنا ": أمرنا، يقال: أمرت الرجل، بمعنى: أمرته، والمعنى: سلطنا مترفيها بالإمارة، ذكره ابن الأنباري. وروى خارجة عن نافع: " آمرنا " ممدودة، مثل " آمنا "، وكذلك روى حماد بن سلمة عن ابن كثير، وهي قراءة ابن عباس، وأبي الدرداء، وأبي رزين، والحسن، والضحاك، ويعقوب. قال ابن قتيبة: وهي اللغة العالية المشهورة، ومعناه: كثرنا، أيضا. وروى ابن مجاهد أن أبا عمرو قرأ: " أمرنا " مشددة الميم، وهي رواية أبان عن عاصم، وهي قراءة أبي العالية، والنخعي، والجحدري. قال ابن قتيبة: المعنى: جعلناهم أمراء، وقرأ أبو المتوكل، وأبو الجوزاء، وابن يعمر: " أمرنا " بفتح الهمزة مكسورة الميم مخففة. فأما المترفون، فهم المتنعمون الذين أبطرتهم النعمة وسعة العيش، والمفسرون يقولون: هم الجبارون والمسلطون والملوك، وإنما خص المترفين بالذكر، لأنهم الرؤساء، ومن عداهم تبع لهم.
قوله تعالى: * (ففسقوا فيها) * أي: تمردوا في كفرهم، لأن الفسق في الكفر: الخروج إلى أفحشه. وقد شرحنا معنى " الفسق " في البقرة.
قوله تعالى: * (فحق عليها القول) * قال مقاتل: وجب عليها العذاب. وقد ذكرنا معنى " التدمير " في الأعراف.
قوله تعالى: * (وكم أهلكنا من القرون) * وهي جمع قرن. وقد ذكرنا اختلاف الناس فيه في الأنعام وشرحنا معنى " الخبير " و " البصير " في سورة (البقرة) قال مقاتل: وهذه الآية تخويف لكفارة مكة.
من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد ثم جعلنا له جهنم يصلاها مذموما مدحورا " 18 " ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكورا " 19 "