صارت له أربعة أعين; فأتياه، فسألاه عن تسع آيات بينات، فقال: " لا تشركوا بالله شيئا، وتقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق، ولا تزنوا، ولا تسرقوا، ولا تأكلوا الربا، ولا تمشوا بالبرئ إلى السلطان ليقتله، ولا تسحروا، ولا تقذفوا المحصنات، ولا تفروا من الزحف، وعليكم خاصة يهود ألا تعدوا في السبت "، قال: فقبلا يده، وقالا: نشهد أنك نبي.
ولقد آتينا موسى تسع آيات بينات فسئل بني إسرائيل إذ جاءهم فقال له فرعون إني لأظنك يا موسى مسحورا " 101 " قال لقد علمت ما أنزل هؤلاء إلا رب السماوات والأرض بصائر وإني لأظنك يا فرعون مثبورا " 102 " فأراد أن يستفزهم من الأرض فأغرقناه ومن معه جميعا " 103 " وقلنا من بعده لبني إسرائيل اسكنوا الأرض فإذا جاء وعد الآخرة جئنا بكم لفيفا " 104 " قوله تعالى: * (فاسأل بني إسرائيل) * قرأ الجمهور: " فاسأل " على معنى الأمر لرسول الله [صلى الله عليه وسلم]. وإنما أمر أن يسأل من آمن منهم عما أخبر عنهم، ليكون حجة على من لم يؤمن منهم.
وقرأ ابن عباس: " فسأل بني إسرائيل "، الخبر عن موسى أنه سأل فرعون أن يرسل معه بني إسرائيل. * (فقال له فرعون إني لأظنك) * أي: لأحسبك * (يا موسى مسحورا) * وفيه ثلاثة أقوال:
أحدهما: مخدوعا، قاله ابن عباس.
والثاني: مسحورا قد سحرت، قاله ابن السائب.
والثالث: ساحرا، فوضع مفعولا في موضع فاعل، هذا مروي عن الفراء، وأبي عبيدة. فقال موسى: * (لقد علمت) * قرأ الجمهور بفتح التاء. وقرأ علي عليه السلام بضمها، وقال: والله ما علم عدو الله، ولكن موسى هو الذي علم، فبلغ ذلك ابن عباس، فاحتج بقوله تعالى: * (وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم) *. واختار الكسائي وثعلب قراءة علي [عليه السلام]، وقد رويت عن ابن عباس، وأبي رزين، وسعيد بن جبير، وابن يعمر. واحتج من نصرها بأنه لما نسب موسى إلى أنه مسحور، أعلمه بصحة عقله بقوله تعالى: " لقد علمت "، والقراءة الأولى أصح، لاختيار الجمهور، ولأنه قد أبان موسى من المعجزات ما أوجب علم فرعون بصدقه، فلم يرد عليه إلا