بالتعلل والمدافعة، فكأنه قال: لقد علمت بالدليل والحجة " ما أنزل هؤلاء " يعني الآيات. وقد شرحنا معنى " البصائر " في [سورة] الأعراف.
قوله تعالى: * (وإني لأظنك) * قال أكثر المفسرين: الظن هاهنا بمعنى العلم، على خلاف ظن فرعون في موسى، وسوى بينهما بعضهم، فجعل الأول بمعنى العلم أيضا.
وفي المثبور ستة أقوال:
أحدها: أنه الملعون، رواه أبو صالح عن ابن عباس، وبه قال الضحاك.
والثاني: المغلوب، رواه العفوي عن ابن عباس.
والثالث: الناقص العقل، رواه ميمون بن مهران عن ابن عباس.
والرابع: المهلك، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس، وبه قال أبو عبيدة، وابن قتيبة. قال الزجاج: يقال: ثبر الرجل، فهو مثبور; إذا أهلك.
والخامس: الهالك، قاله مجاهد.
والسادس: الممنوع من الخير; تقول العرب: ما ثبرك عن هذا، أي: ما منعك، قاله الفراء.
قوله تعالى: * (فأراد أن يستفزهم من الأرض) * يعني: فرعون أراد أن يستفز بني إسرائيل من أرض مصر. وفي معنى * (يستفزهم) * قولان:
أحدهما: يستأصلهم، قاله ابن عباس.
والثاني: يستخفهم حتى يخرجوا، قاله ابن قتيبة. وقال الزجاج: جائز أن يكون استفزازهم إخراجهم منها بالقتل أو بالتنحية. قال العلماء: وفي هذه الآية تنبيه على نصرة رسول الله [صلى الله عليه وسلم]، لأنه لما خرج موسى فطلبه فرعون، هلك فرعون وملك موسى، فكذلك أظهر الله نبيه بعد خروجه من مكة حتى رجع إليها ظاهرا عليها.
قوله تعالى: * (وقلن من بعده) * أي: من بعد هلاك فرعون * (لبني إسرائيل اسكنوا الأرض) * وفيها ثلاث أقوال:
أحدها: فلسطين والأردن، قاله ابن عباس.
والثاني: أرض وراء الصين، قاله مقاتل.
والثالث: أرض مصر والشام.