قوله تعالى: * (سورة) * قرأ الجمهور بالرفع. وقرأ أبو رزين العقيلي، وابن أبي عبلة، ومحبوب عن أبي عمرو: " سورة " بالنصب. قال أبو عبيدة: من رفع، فعلى الابتداء. وقال الزجاج: هذا قبيح، لأنها نكرة، و * (أنزلناها) * صفة لها، وإنما الرفع على إضمار: هذه سورة، والنصب على وجهين: أحدهما على معنى: أنزلنا سورة [والثاني] على معنى: أتل سورة.
قوله تعالى: * (وفرضناها) * قرأ ابن كثير، وأبو عمرو بالتشديد. وقرأ ابن مسعود، وأبو عبد الرحمن السلمي، والحسن، وعكرمة، والضحاك، والزهري، ونافع، وابن عامر، وعاصم، وحمزة، والكسائي، وأبو جعفر، وابن يعمر، والأعمش، وابن أبي عبلة بالتخفيف. قال الزجاج: من قرأ بالتشديد، فعلى وجهين:
أحدهما: على معنى التكثير، أي: إننا فرضنا فيها فروضا.
والثاني: على معنى: بينا وفصلنا ما فيها من الحلال والحرام; ومن قرأ بالتخفيف، فمعناه:
ألزمناكم العمل بما فرض فيها. وقال غيره: من شدد، أراد: فصلنا فرائضها، ومن خفف، فمعناه:
فرضنا ما فيها.
قوله تعالى: * (الزانية والزاني) * القراءة المشهورة بالرفع. وقرأ أبو رزين العقيلي، وأبو الجوزا، وابن أبي عبلة، وعيسى بن عمر: " الزانية " بالنصب. واختار الخليل وسيبويه والرفع اختيار الأكثرين. قال الزجاج: والرفع أقوى في العربية، لأن معناه: من زنى فاجلدوه، فتأويله الابتداء، ويجوز النصب على معنى: اجلدوا الزانية. فأما الجلد، فهو ضرب الجلد، يقال: جلده:
إذا ضرب جلده، كما يقال: بطنه إذا ضرب بطنه.
قال المفسرون: ومعنى الآية: الزانية والزاني إذا كانا حرين بالغين بكرين، * (فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة) *.
فصل قال شيخنا علي بن عبيد الله: هذه الآية تقتضي وجوب الجلد على البكر والثيب. وقد روي عن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] في حق البكر زيادة على الجلد بتغريب عام، وفي حق الثيب زيادة على الجلد بالرجم بالحجارة. فروى عبادة بن الصامت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام، والثيب بالثيب جلد مائة ورجم بالحجارة ". وممن قال بوجوب النفي في حق البكر