فصل في بيان حكم الآية إذا قذف الرجل زوجته بالزنا، لزمه الحد، وله التخلص منه بإقامة البينة، أو باللعان فإن أقام البينة لزمها الحد، وإن لاعنها، فقد حقق عليها الزنا، ولها التخلص منه باللعان فإن نكل الزوج عن اللعان، فعليه حد القذف، وإن نكلت الزوجة، لم تحد، وحبست حتى تلاعن أو نقر بالزنا في إحدى الروايتين، وفي الأخرى: يخلى سبيلها، وقال أبو حنيفة: لا يحد واحد منهما، ويحبس حتى يلاعن. وقال مالك، والشافعي: يجب الحد على الناكل منهما.
فصل ولا تصح الملاعنة إلا بحضرة الحاكم. فإن كانت المرأة خفرة، بعث الحاكم من يلاعن بينهما. وصفة اللعان أن يبدأ الزوج فيقول: أشهد بالله إني لمن الصادقين فيما رميتها به من الزنا، أربع مرات، ثم يقول في الخامسة: ولعنة الله عليه إن كان من الكاذبين، ثم تقول الزوجة أربع مرات: أشهد بالله لقد كذب فيما رماني به من الزنا، ثم نقول: وغضب الله عليها إن كان من الصادقين. والسنة أن يتلاعنا قياما، ويقال للزوج إذا بلغ اللعنة: اتق الله فإنها الموجبة، وعذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة، وكذلك يقال للزوجة إذا بلغت إلى الغضب. فإن كان بينهما ولد، افتقر نفيه عن الأب إلى ذكره في اللعان، فيزيد في الشهادة: وما هذا الولد ولدي، وتزيد هي: وإن هذا الولد ولده.
فصل واختلف الفقهاء في الزوجين اللذين يجري بينهما اللعان، فالمشهور عن أحمد أن كل زوج صح قذفه صح لعانه، فيدخل تحت هذا المسلم والكافر والحر والعبد، وكذلك المرأة، وهذا قول مالك، والشافعي. وقال أبو حنيفة: لا يجوز اللعان بين الحر والأمة، ولا بين العبد والحرة، ولا بين الذميين، أو إذا كان أحدهما ذميا; ونقل حرب عن أحمد نحو هذا، والمذهب هو الأول. ولا تختلف الرواية عن أحمد أن فرقة اللعان لا تقع بلعان الزوج وحده واختلف هل تقع بلعانهما من غير فرقة الحاكم على روايتين. وتحريم اللعان مؤبد، فإن أكذب الملاعن نفسه لم تحل له زوجته أيضا، وبه قال عمر، وعلي، وابن مسعود، وعن أحمد روايتان، أصحهما: هذا، والثانية: يجتمعان بعد التكذيب، وهو قول أبي حنيفة.
قوله تعالى: * (يكن لهم شهداء) * وقرأ أبو حنيفة و أبو المتوكل. وابن يعمر، والنخعي:
" تكن " بالتاء.