قال: كان ملك يظلم الناس، فكلمه في ذلك جماعة من الأنبياء، وسكت عنه أيوب لأجل خيل كانت له في سلطانه، فأوحى الله إليه: تركت كلامه من أجل خيلك؟! لأطيلن بلاءك.
واختلفوا في مدة لبثه في البلاء على أربعة أقوال:
أحدها: ثماني عشرة سنة، رواه أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم.
والثاني: سبع سنين، قاله ابن عباس، وكعب، ويحيى بن أبي كثير.
والثالث: سبع سنين وأشهر، قاله الحسن.
والرابع: ثلاث سنين، قاله وهب.
وفي سبب سؤاله العافية ستة أقوال:
أحدها: أنه اشتهى إداما، فلم تصبه امرأته حتى باعت قرنا من شعرها، فلما: " مسني الضر "، رواه الضحاك عن ابن عباس.
والثاني: أن الله تعالى أنساه الدعاء مع كثرة ذكره الله، فلما انتهى أجل البلاء، يسر الله له الدعاء، فاستجاب له، رواه العوفي عن ابن عباس.
والثالث: أن نفرا من بني إسرائيل مروا به، فقال بعضهم لبعض: ما أصابه هذا إلا بذنب عظيم، فعند ذلك قال: " مسني الضر "، قاله نوف البكالي. فقال عبد الله بن عبيد بن عمير:
كان له أخوان، فأتياه يوما فوجدا ريحا، فقالا: لو كان الله علم منه خيرا ما بلغ بكل هذا، فما سمع شيئا أشد عليه من ذلك، فقال: اللهم إن كنت تعلم أني لم أبت ليلة شبعان وأنا أعلم مكان جائع فصدقني، فصدق وهما يسمعان، ثم قال: اللهم إن كنت تعلم أني لم ألبس قميصا وأنا أعلم مكان عار فصدقني، فصدق وهما يسمعان، فخر ساجدا، ثم قال: اللهم لا أرفع رأسي حتى تكشف ما بي، فكشف الله عز وجل ما به.
والرابع: أن إبليس جاء إلى زوجته بسخلة، فقال: ليذبح أيوب هذه لي وقد برأ، فجاءت فأخبرته، فقال: لئن شفاني الله لأجلدنك مائة جلدة، أمرتني أن أذبح لغير الله؟! ثم طردها عنه، فذهبت، فلما رأى أنه لا طعام له ولا شراب ولا صديق، خر ساجدا وقال: " مسني الضر "، قاله الحسن.
والخامس: أن الله تعالى أوحى إليه وهو في عنفوان شبابه: أني مبتليك، قال: يا رب، وأين يكون قلبي؟ قال: عندي، فصب عليه من البلاء ما سمعتم، حتى إذا بلغ البلاء منتهاه، أوحى إليه أن معافيك، قال: يا رب، وأين يكون قلبي؟ قال: عندك، قال: " مسني الضر "، قاله إبراهيم بن شيبان القرميسي فيما به عنه.