لأنه لو أراد الملائكة والناس، لقال: " ومن " وقيل: " إن " بمعنى: " إلا "، فتقديره: إلا الذين سبقت لهم منه الحسنى، وهي قراءة ابن مسعود، وأبي نهيك، فإنهما قرا: " إلا الذين ". وروي عن علي بن أبي طالب أنه قرأ هذه الآية، فقال: أنا منهم، وأبو بكر، وعمر، وعثمان، وطلحة، والزبير، وسعود، وعبد الرحمن.
وفي المراد " بالحسنى " قولان: أحدهما: الجنة، قاله ابن عباس، وعكرمة. والثاني: السعادة، قاله ابن زيد.
قوله تعالى: * (أولئك عنها) * أي: عن جهنم، وقد تقدم ذكرها * (مبعدون) * والبعد: طول المسافة، والحسيس: الصوت تسمعه من الشئ إذا مر قريبا منك، قال ابن عباس: لا يسمع أهل الجنة حسيس أهل النار إذا نزلوا منازلهم من الجنة.
قوله تعالى: * (لا يحزنهم الفزع الأكبر) * وقرأ أبو رزين وقتادة، وابن أبي عبلة، وابن محيصن، وأبو جعفر الشيزري عن الكسائي: " لا يحزنهم " بضم الياء وكسر الزاي.
وفي الفزع الأكبر أربعة أقوال:
أحدها: أنه النفخة الآخرة، رواه العوفي عن ابن عباس; وبهذه النفخة يقوم الناس من قبورهم، ويدل على صحة هذا الوجه قوله تعالى: * (وتتلقاهم الملائكة) *.
والثاني: أنه إطباق النار على أهلها، رواه سعيد بن جبير، عن ابن عباس، وبه قال الضحاك.
والثالث: ذبح الموت بين الجنة والنار، وهو مروي عن ابن عباس أيضا، وبه قال ابن جريج.
والرابع: أنه حين يؤمر بالعبد إلى النار، قاله الحسن البصري.
وفي مكان تلقي الملائكة لهم قولان:
أحدهما: إذا قاموا من قبورهم، قاله مقاتل.
والثاني: على أبواب الجنة، قاله ابن السائب.
قوله [تعالى]: * (هذا يومكم) * فيه إضمار: " يقولون " هذا يومكم * (الذي كنتم توعدون) * فيه الجنة.
قوله تعالى: * (يوم نطوي السماء) * وقرأ أبو العالية، وابن أبي عبلة، وأبو جعفر: " تطوى " بتاء مضمومة " السماء " بالرفع; وذلك بمحو رسومها، وتكدير نجومها، وتكوير شمسها، * (كطي السجل للكتاب) * قرأ الجمهور: " السجل " بكسر السين والجيم وتشديد اللام. وقرأ الحسن، وأبو المتوكل،