نصا، إذ لو كان نصا ما اختلفا. قال القاضي أبو يعلى: وقد اختلف الناس في الغنم إذا نفشت ليلا في زرع رجل فأفسدته، فمذهب أصحابنا أن عليه الضمان، وهو قول الشافعي، وقال أبو حنيفة وأصحابه: لا ضمان عليه ليلا ونهارا، إلا أن يكون صاحبها هو الذي أرسلها، فظاهر الآية يدل على قول أصحابنا، لأن داود حكم بالضمان، وشرع من قبلنا شرع لنا ما لم يثبت نسخه. فإن قيل: فقد ثبت نسخ هذا الحكم، لأن داود حكم بدفع الغنم إلى صاحب الحرث، وحكم سليمان له بأولادها وأصوافها ولا خلاف أنه لا يجب على من نفشت غنمه في حرث رجل شئ من ذلك; قيل: الآية تضمنت أحكاما، منها وجوب الضمان وكيفيته، فالنسخ حصل على كيفيته، ولم يحصل على أصله، فوجب التعلق به، وقد روى حرام بن محيصة عن أبيه: أن ناقة للبراء دخلت حائط رجل فأفسدت، فقضى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] على أهل الأموال حفظها بالنهار، وعلى أهل المواشي حفظها بالليل.
قوله تعالى: * (وسخرنا مع داود الجبال يسبحن) * تقديره الكلام: وسخرنا الجبال يسبحن مع داود. قال أبو هريرة: كان إذا سبح أجابته الجبال والطير بالتسبيح والذكر، وقال غيره: كان إذا وجد فترة، أمر الجبال فسبحت حتى يشتاق هو فيسبح.
قوله تعالى: * (وكنا فاعلين) * أي: لذلك. قال الزجاج: المعنى: وكنا نقدر على ما نريده.
قوله تعالى: * (وعلمناه صنعة لبوس لكم) * في المراد باللبوس قولان.
أحدهما: الدروع، وكانت قبل ذلك صفائح، وكان داود أول من صنع هذه الحلق وسرد، قاله قتادة.
والثاني: أن اللبوس: السلاح كله من درع إلى رمح، قاله أبو عبيدة. وقرأ أبو المتوكل، وابن السميفع: " لبوس " بضم اللام.
قوله تعالى: * (ليحصنكم) * قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وحمزة، والكسائي:
" ليحصنكم " بالياء. وقرأ ابن عامر، وحفص عن عاصم: " لتحصنكم " بالتاء. وروى أبو بكر عن عاصم: " لنحصنكم " بالنون خفيفة. وقرأ أبو الدرداء، وأبو عمران الجوني، وأبو حيوة:
" لتحصنكم " بتاء مرفوعة وفتح الهاء وتشديد الصاد. وقرأ ابن مسعود، وأبو الجوزاء، وحميد بن قيس: " لتحصنكم " بتاء مفتوحة مع فتح الحاء وتشديد الصاد مع ضمها. وقرأ أبو رزين العقيلي، وأبو المتوكل، ومجاهد: " لنحصنكم " بنون مرفوعة وفتح الحاء وكسر الصاد مع تشديدها. وقرأ