بكل شئ عالمين " 81 " ومن الشياطين من يغوصون له ويعملون عملا دون ذلك وكنا لهم حافظين " 82 " قوله تعالى: * (وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث) * وفيه قولان:
أحدهما: أنه كان عنبا، قاله ابن مسعود، ومسروق، وشريح.
والثاني: كان زرعا، قاله قتادة.
* (إذ نفشت فيه غنم القوم) * قال ابن قتيبة: أي: رعت ليلا، يقال: نفشت الغنم بالليل، وهي إبل نفش ونفاش ونفاش، والواحد: نافش، وسرحت وسربت بالنهار. قال قتادة: النفش بالليل، والهمل بالنهار. وقال ابن السكيت: النفش أن تنتشر الغنم بالليل ترعى بلا راع.
الإشارة إلى القصة ذكر أهل التفسير أن رجلين كانا على عهد داود عليه السلام، أحدهما صاحب حرث، والآخر صاحب غنم، فتفلتت الغنم فوقعت في الحرث فلم تبق منه شيئا، فاختصما إلى داود، فقال لصاحب الحرث: لك رقاب الغنم، فقال سليمان: أو غير ذلك؟ قال: ما هو؟ قال: ينطلق أصحاب الحرث بالغنم فيصيبون من ألبانها ومنافعها، ويقبل أصحاب الغنم على الكرم، حتى إذا كان كليلة نفشت فيه الغنم، دفع هؤلاء إلى هؤلاء غنمهم، ودفع هؤلاء إلى هؤلاء كرمهم، فقال داود: قد أصبت القضاء، ثم حكم بذلك، فذلك قوله: (وكنا لحكمهم) وفي المشار إليهم قولان:
أحدهما: داود وسليمان، فذكرهما بلفظ الجمع، لأن الاثنين جمع، هذا قول الفراء.
والثاني: أنهم داود وسليمان والخصوم، قاله أبو سليمان الدمشقي. وقرأ ابن مسعود، وابن عباس، وابن أبي عبلة: " وكنا لحكمهما " على التثنية. ومعنى " شاهدين ": أنه لم يغب عنا من أمرهم شئ. (ففهمناها سليمان) يعني: القضية والحكومة. وإنما كنى عنها، لأنه قد سبق ما يدل عليها من ذكر الحكم، * (وكلا منهما آتينا حكما) * وقد سبق بيانه. قال الحسن: لولا هذه الآية لرأيت أن القضاة قد هلكوا، ولكنه أثنى على سليمان لصوابه، وعذر داود باجتهاده.
فصل قال أبو سليمان الدمشقي: كان قضاء داود وسليمان جميعا من طريق الاجتهاد، ولم يكن