والثاني: أنه موسى بن ميشا، قاله ابن إسحاق، وليس بشئ، للحديث الصحيح الذي ذكرناه فأما فتاه فهو يوشع بن نون من غير خلاف. وإنما سمي فتاه، لأنه كان يلازمه، ويأخذ عنه العلم، ويخدمه.
ومعنا لا أبرح: لا أزال. وليس المراد به: لا أزول، لأنه إذا لم يزل لم يقطع أرضا، فهو مثل قولك: ما برحت أناظر عبد الله أي: ما زلت، قال الشاعر:
- إذا أنت لم تبرح تؤدي أمانة * وتحمل أخرى أفرحتك الودائع - أي: أثقلتك، والمعنى: لا أزال أسير حتى أبلغ مجمع البحرين، أي: ملتقاهما، وهو الموضع الذي وعده الله بلقاء الخضر فيه، قال قتادة: بحر فارس، وبحر الروم، فبحر الروم نحو المغرب، وبحر فارس نحو المشرق.
وفي اسم البلد الذي بمجمع البحرين قولان:
أحدهما: [أنه] إفريقية، قاله أبي بن كعب.
والثاني: طنجة، قاله محمد بن كعب القرظي.
وقوله تعالى: * (أو أمضي حقبا) * وقرأ أبو رزين، والحسن، وأبو مجلز، وقتادة، والجحدري، وابن يعمر: " حقبا " باسكان الكاف. قال ابن قتيبة: الحقب: الدهر، والحقب: السنون، واحدتها حقبة، ويقال: حقب وحقب كما يقال: قفل وقفل، وهزؤ وهزؤ، وكفؤ وكفؤ، وأكل وأكل، وسحت وسحت، ورعب ورعب، ونكر ونكر، وأذن وأذن، وسحق وسحق، وبعد وبعد، وشغل وشغل، وثلث وثلث، وعذر وعذر، ونذر ونذر، وعمر وعمر.
وللمفسرين في المراد بالحقب هاهنا ثمانية أقوال:
أحدها: أنه الدهر، قاله ابن عباس.
والثاني: ثمانون سنة، قاله عبد الله بن عمرو، وأبو هريرة.
والثالث: سبعون ألف سنة، قاله الحسن.
والرابع: سبعون سنة، قاله مجاهد.
والخامس: سبعة عشر ألف سنة، قاله مقاتل بن حيان.
والسادس: أنه ثمانون سنة، كل يوم ألف سنة من عدد الدنيا.
والسابع: أنه سنة بلغة قيس، ذكرهما الفراء.
والثامن: الحقب عند العرب وقت غير محدود، قاله أبو عبيدة. ومعنى الكلام: لا أزال