واختلفوا هل كان نبيا، أم لا؟ على قولين.
أحدهما: أنه كان نبيا، قاله عبد الله بن عمرو، والضحاك بن مزاحم.
والثاني: أنه كان عبدا صالحا، ولم يكن نبيا، ولا ملكا، قاله على رضي الله تعالى عنه. وقال وهب: كان ملكا، ولم يوح إليه.
وفي زمان كونه ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه من القرون الأول من ولد يافث بن نوح، قاله علي رضي الله تعالى عنه.
والثاني: أنه كان بعد ثمود، قاله الحسن. ويقال: كان عمره ألفا وستمائة سنة.
والثالث: [أنه] كان في الفترة بين عيسى ومحمد صلى الله عليهما وسلم، قاله وهب.
قوله تعالى: * (سأتلو عليكم منه ذكرا) * أي: خبرا يتضمن ذكره. * (إنا مكنا له في الأرض) * أي: سهلنا عليه السير فيها. قال علي رضي الله عنه: إنه أطاع الله، فسخر له السحاب فحمله عليه، ومد له في الأسباب، وبسط له النور، فكان الليل والنهار عليه سواء، وقال مجاهد: ملك الأرض أربعة: مؤمنان، وكافران; فالمؤمنان: سليمان بن داود، وذو القرنين; والكافران: النمرود، وبخت نصر.
قوله تعالى: * (وآتيناه من كل شئ سببا) * قال ابن عباس: علما يتسبب به إلى ما يريد.
وقيل: هو العلم بالطرق والمسالك.
قوله تعالى: * (فاتبع سببا) * قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو: " فاتبع سببا " " ثم اتبع سببا " " ثم اتبع سببا " مشددات التاء. وقرأ عاصم، وابن عامر، وحمزة، والكسائي: " " فأتبع سببا " " ثم أتبع سببا " مقطوعات. قال ابن الأنباري: من قرأ " فاتبع سببا " فمعناه: قفا الأثر، ومن قرأ " فأتبع " فمعناه: لحق; يقال: اتبعني فلان، أي: تبعني، كما يقال: ألحقني، بمعنى: لحقني. وقال أبو علي: " أتبع " تقديره: أتبع سببا سببا، فأتبع ما هو عليه سببا، والسبب: الطريق، والمعنى: تبع طريقا يؤديه إلى مغرب الشمس. وكان إذا ظهر على قوم أخذ منهم جيشا فسار بهم إلى غيرهم.
قوله تعالى: * (وجدها تغرب في عين حمئة) * قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وحفص عن عاصم: " حمئة "، وهي قراءة ابن عباس. وقرأ ابن عامر، وحمزة، والكسائي، وأبو بكر عن عاصم: " حامية "، وهي قراءة عمرو، وعلي، وابن مسعود، وابن الزبير، ومعاوية، وأبي عبد الرحمن، والحسن، وعكرمة، والنخعي، وقتادة، وأبي جعفر، وشيبة، وابن محيصن، والأعمش، كلهم لم يهمز. قال الزجاج: فمن قرأ: " حمئة " أراد في عين ذات حمأة. يقال:
حمأت البئر: إذا أخرجت حمأتها; وأحمأتها: إذا ألقيت فيها الحمأة. وحمئت فهي حمئة: إذا