فقوله: يا هذا، توكيد لا يختل الكلام بسقوطه. وسمعت الشيخ أبا محمد الخشاب يقول:
وقره في الأول، فلم يواجهه بكاف الخطاب، فلما خالف في الثاني، واجهه بها.
قوله تعالى: * (إن سألتك عن شئ) * أي: سؤال توبيخ وإنكار * (بعدها) * أي: بعد هذه المسألة * (فلا تصاحبني) * وقرأ كذلك معاذ القارئ، وأبو نهيك، وأبو المتوكل، والأعرج، إلا أنهم شددوا النون. قال الزجاج: ومعناه: إن طلبت صحبتك فلا تتابعني على ذلك. وقرأ أبي بن كعب، وابن أبي عبلة، ويعقوب: " لا تصحبني " بفتح التاء من غير ألف. وقرأ ابن مسعود، وأبو العالية، والأعمش كذلك، إلا أنهم شددوا النون. وقرأ أبو رجاء، وأبو عثمان النهدي، والنخعي، والجحدري: " تصحبني " بضم التاء، وكسر الحاء، وسكون الصاد والباء. قال الزجاج: فيهما وجهان:
أحدهما: لا تتابعني في شئ ألتمسه منك. يقال: قد أصحب المهر: إذا انقاد.
والثاني: لا تصحبني علما من علمك.
* (قد بلغت من لدني) * قرأ ابن كثير، وأبو عمرو، وابن عامر، وحمزة، والكسائي: " من لدني " مثقل. وقرأ نافع: " من لدني " بضم الدال مع تخفيف النون. وروى أبو بكر عن عاصم:
" من لدني " بفتح اللام مع تسكين الدال. وفي رواية أخرى عن عاصم: " لدني " بضم اللام وتسكين الدال. قال الزجاج: وأجودها تشديد النون، لأن أصل " لدن " الإسكان، فإذا أضفتها إلى نفسك زدت نونا، ليسلم سكون النون الأولى، تقول: من لدن زيد، فتسكن النون ثم تضيف إلى نفسك، فتقول: من لدني، كما تقول: عن زيد وعني. فأما إسكان دال " لدني " فإنهم أسكنوها، كما تقول في عضد: عضد، فيحذفون الضم. قال ابن عباس: يريد: إنك قد أعذرت فيما بيني وبينك، يعني: أنك قد أخبرتني أني لا أستطيع معك صبرا.
قوله تعالى: * (فانطلقا حتى إذا أتيا أهل قرية) * فيها ثلاثة أقوال:
أحدها: أنها أنطاكية، قاله ابن عباس.
والثاني: الأبلة، قاله ابن سيرين.
والثالث: باجروان، قاله مقاتل.
قوله تعالى: * (استطعما أهلها) * أي: سألاهم الضيافة * (فأبوا أن يضيفوهما) * روى المفضل عن عاصم: " يضيفوهما " بضم الياء الأولى وكسر الضاد وتخفيف الياء الثانية. وقرأ أبو الجوزاء كذلك، إلا أنه فتح الياء الأولى وقرأ الباقون: " يضيفوها " بفتح الضاد وتشديد الياء الثانية وكسرها.
قال أبو عبيدة: ومعنى يضيفوهما: ينزلوهما منزل الأضياف، يقال: ضفت أنا، وأضافني الذي