والثالث: أضجعه وذبحه بالسكين، قاله سعيد بن جبير.
قوله تعالى: * (أقتلت نفسا زاكية) * قرأ الكوفيون، وابن عامر: " زكية " بغير ألف، والياء مشددة. وقرأ الباقون بالألف من غير تشديد. قال الكسائي: هما لغتان بمعنى واحد، وهما بمنزلة القاسية، والقسية.
وللمفسرين فيها ستة أقوال:
أحدها: أنها التائبة، روي عن ابن عباس أنه قال: الزكية: التائبة، وبه قال الضحاك.
والثاني: أنها المسلمة، روي عن ابن عباس أيضا.
والثالث: أنها الزكية التي لم تبلغ الخطايا، قاله سعيد بن جبير.
والرابع: أنها الزكية النامية، قاله قتادة. وقال ابن الأنباري: القويمة في تزكيتها.
والخامس: أن الزكية: المطهرة، قاله أبو عبيدة.
والسادس: أن الزكية: البريئة التي لم يظهر ما يوجب قتلها، قاله الزجاج.
وقد فرق بعضهم بين الزاكية، والزكية، فروي عن أبي عمرو بن العلاء أنه قال: الزاكية: التي لم تذنب قط، والزكية: التي أذنبت ثم تابت. وروي عن أبي عبيدة أنه قال: الزاكية في البدن، والزكية في الدين.
قوله تعالى: * (بغير نفس) * أي: بغير قتل نفس * (لقد جئت شيئا نكرا) * قرأ ابن كثير، وأبو عمرو، وحمزة، والكسائي: نكرا خفيفة في كل القرآن، إلا قوله: * (إلى شئ نكر) * وخفف ابن كثير أيضا " إلى شئ نكر ". وقرأ ابن عامر، وأبو بكر عن عاصم: " نكرا " و " إلى شئ نكر ".
مثقل. والمخفف إنما هو من المثقل، كالعنق، والعنق، النكر، والنكر. قال الزجاج: والمعنى 6 لقد أتيت شيئا نكرا. ويجوز أن يكون معناه: جئت بشئ نكر، فلما حذف الباء، أفضى الفعل فنصب نكرا، أقل منكرا من قوله: " إمرا " لأن تغريق من في السفينة كان عنده أنكر من قتل نفس واحدة.
قوله تعالى: * (قال ألم أقل لك) *.
إن قيل: لم ذكر * (لك) * هاهنا، واحترز له من الموضع الذي قبله؟
فالجواب: أن إثباته للتوكيد، واحترز له لوضوح المعنى، وكلاهما معروف عند الفصحاء.
تقول العرب: قد قلت لك: اتق الله. وقد قلت لك: يا فلان اتق الله، وأنشد ثعلب:
- قد كنت حذرتك آل المصطلق * وقلت: يا هذا أطعني وانطلق -