والثاني: انه الحساب، قاله ابن السائب.
والثالث: كتاب الأعمال، قاله مقاتل. وقال ابن جرير: وضع كتاب أعمال العباد في أيديهم، فعلى هذا، الكتاب اسم جنس.
قوله تعالى: * (فترى المجرمين) * قال مجاهد: الكافرون.، فالمراد به: الكافر قوله تعالى: * (مشفقين) * أي: خائفين * (مما فيه) * من الأعمال السيئة * (ويقولون يا ويلتنا) * هذا قول كل واقع في هلكة. وقد شرحنا هذا المعنى في قوله: * (يا حسرتنا) * قوله تعالى: * (لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها) * هذا على ظاهره في صغير الأمور وكبيرها; وقد روى عكرمة عن ابن عباس، قال: الصغيرة: التبسم، والكبيرة: القهقهة، وقد يتوهم أن المراد بذلك صغائر الذنوب وكبائرها، وليس كذلك، إذ ليس الضحك والتبسم، بمجردهما من الذنوب، وإنما المراد أن التبسم من صغار الأفعال، والضحك فعل كبير، وقد روى الضحاك عن ابن عباس، قال: الصغيرة: التبسم والاستهزاء بالمؤمنين، والكبيرة: القهقهة بذلك; فعلى هذا يكون ذنبا من الذنوب لمقصود فاعله، لا لنفسه. ومعنى " أحصاها ": عدها وأثبتها، والمعنى: وجدت محصاة. * (ووجدوا ما عملوا حاضرا) * أي: مكتوبا مثبتا في الكتاب، وقيل: رأوا جزاءه حاضرا.
وقال أبو سليمان: الصحيح عند المحققين أن صغائر المؤمنين الذين وعدوا العفو عنها إذا اجتنبوا الكبائر، إنما يعفى عنها في الآخرة بعد أن يراها صاحبها.
قوله تعالى: * (ولا يظلم ربك أحدا) * قال أبو سليمان: لا تنقص حسنات المؤمن، ولا يزاد في سيئات الكافر. وقيل: إن كان للكافر فعل خير، كعتق رقبة، وصدقة، خفف عنه به من عذابه، وإن ظلمة مسلم، أخذ الله من المسلم، فصار الحق لله.
ثم إن الله تعالى أمر نبيه صلى الله عليه وسلم أن يذكر هؤلاء المتكبرين عن مجالسة الفقراء قصة إبليس وما أورثه الكبر، فقال: * (وإذ قلنا) * أي: أذكر ذلك.
وفي قوله: * (كان من الجن) * قولان:
أحدهما: أنه من الجن حقيقة، لهذا النص; واحتج قائلو هذا بأن له ذرية - وليس للملائكة ذرية - وأنه كفر، والملائكة رسل الله، فهم معصومون من الكفر.
والثاني: انه كان من الملائكة، وإنما قيل: " من الجن "، لأنه كان من قبيل من الملائكة يقال لهم: الجن، قاله ابن عباس; وقد شرحنا هذا في البقرة.
قوله تعالى: * (ففسق عن أمر ربه) * فيه ثلاثة أقوال.