أسير، ولو احتجت ان أسير حقبا:
قوله تعالى: * (فلما بلغا) * يعني: موسى وفتاه * (مجمع بينهما) * يعني: البحرين * (نسيا حوتهما) * وكانا قد تزودا حوتا مالحا في زبيل فكانا يصيبان منه عند الغداء والعشاء، فلما انتهيا إلى الصخرة على ساحل البحر وضع فتاه المكتل، فأصاب الحوت بلل البحر. وقيل: توضأ يوشع من عين الحياة فانتضح على الحوت الماء، فعاش، فتحرك في المكتل، فانسرب في البحر، وقد كان قيل لموسى: تزود حوتا مالحا، فإذا فقدته وجدت الرجل. وكان موسى حين ذهب الحوت في البحر قد مضى لحاجة فعزم فتاه ان يخبره بما جرى ونسي وإنما قيل: " نسيا حوتهما " توسعا في الكلام، لأنهما جميعا تزوداه، كما يقال: نسي القوم زادهم، وإنما نسيه أحدهم. قال الفراء: ومثله قوله: * (يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان) * وإنما يخرج ذلك من المالح، لا من العذب. وقيل: نسي يوشع أن يحمل الحوت، ونسي موسى أن يأمره فيه بشئ، فلذلك أضيف النسيان، إليهما.
قوله تعالى: * (فاتخذ سبيله في البحر سربا) * أي: مسلكا ومذهبا. قال ابن عباس: جعل الحوت لا يمس شيئا من البحر إلا يبس حتى يكون صخرة. وقال قتادة: جعل لا يسلك طريقا إلا صار الماء جامدا. وقد ذكرنا في حديث أبي بن كعب ان الماء صار مثل الطاق على الحوت.
قوله تعالى: * (فلما جاوزا) * ذلك المكان الذي ذهب فيه الحوت، أصابهما ما يصيب المسافر من النصب، فدعا موسى بالطعام، فقال: * (آتنا غداءنا) * وهو الطعام الذي يؤكل بالغداة. والنصب.
الإعياء. وهذا يدل على إباحة إظهار مثل هذا القول عندما يلحق الإنسان من الأذى والتعب، ولا يكون ذلك شكوى. * (قال) * يوشع لموسى * (أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة) * أي: حين نزلنا هناك * (فإني نسيت الحوت) * فيه قولان:
أحدهما: نسيت أن أخبرك خبر الحوت.
والثاني: نسيت حمل الحوت.
قوله تعالى: * (وما أنسانيه) * قرأ الكسائي: " أنسانيه " بإمالة السين [مع كسر الهاء]. وقرأ ابن كثير: " أنسانيهي " بإثبات ياء في الوصل بعد الهاء وروى حفص عن عاصم: " أنسانيه إلا " بضم الهاء قوله تعالى: * (واتخذ سبيله في البحر عجبا) * الهاء في السبيل ترجع إلى الحوت. وفي المتخذ قولان:
أحدهما: أنه الحوت، ثم في المخبر عنه قولان:
أحدهما: أنه الله عز وجل، ثم في معنى الكلام ثلاثة أقوال:
أحدها: فاتخذ سبيله في البحر يرى عجبا، ويحدث عجبا.