دحاها * أخرج منها ماءها ومرعاها * والجبال أرساها * متاعا لكم و لأنعامكم) * (1).
وأما توهم: أن البعدية في الذكر لا تنافي القبلية في الخلق، فهو - مضافا إلى أنه خلاف البلاغة - أنه صرح بأن * (الأرض بعد ذلك دحاها) *، والمشار إليه ظاهرا هو المرتبط بخلق السماء وخصوصياتها، أو نفس السماء، لجواز رجوع لفظة " ذلك " إليه، كما لا يخفى.
وأما تخيل أن الأرض متقدمة في أصل الخلقة ومتأخرة عن السماء في الدحو والإنباط، أو متأخرة في التحرك الكروي، فكله غير جائز، فإن السابق بمقتضى هذه الآية هو ما في الأرض، وهذا هو الملازم لتقدم الأرض، والمتأخر بمقتضى تلك الآيات أيضا هو دحو الأرض المتقدم على خروج مائها ومرعاها، فيكون المرعى والسماء متأخرين، ويستلزم طبعا تأخر الدحو والأرض.
والجواب عن أصل التنافي المباين للبلاغة وهو إيهام التنافي، فذلك فيما إذا كان الكلام واحدا لا متعددا بعيدا بعضه مكي وبعضه مدني.
وأما الجواب عن المناقضة المتوهمة فهو أن المتقدم هو خلق القوى وقوة كل شئ ومبدأ كل ما في الأرض سابق في الخلقة، وأما المتأخر فهو تنظيم حركة الأرض طبعا، للحاجة إلى خلق السماء في النظام العالمي، وأيضا يكون المتأخر خروج الماء وخروج المرعى والشرائط اللازمة لحركة تلك القوى والنطف إلى الفعلية