وتكون بين الجنة والبساتين ودون المساكن والقصور، كما هو المتعارف في هذه العصور وهذا هو المقصود والمأمول لدلالة الاقتضاء * (كلما رزقوا منها من ثمرة رزقا قالوا هذا الذي رزقنا من قبل) * وهو الذي واعدنا ربنا في الدنيا وهيأ لنا من قبل أن ندخل الجنة جزاء بما كانوا يعملون * (وأتوا به متشابها) * بما كانوا يتمتعون به في الدنيا، لأن ذلك ألذ وأحسن، لما فيه من تذكر الأيام السالفة، ولما فيه الانس بما كان عندهم في الأعصار الماضية، وكان التشابه من جميع الجهات، لأن فيه الالتذاذ الأكثر، والجنة دار اللذة * (ولهم فيها أزواج مطهرة) * عن كل ريب ودنس، وعن كل عيب وخبث، خلافا لما في الدنيا، فإنها مقرونة بالآلام والأسقام * (وهم فيها خالدون) *، وباقون ما بقي الدهر وما دام يشاء لهم الله تعالى بقاءهم فيها.
وقريب منه: * (وبشر الذين آمنوا) * بالله وبالرسول والكتاب، وأنه الذي جاء من عند الله، * (وعملوا الصالحات) * أي الأعمال الصالحة الشرعية الفرضية، لا مطلق الأعمال ولو كانت صالحة، ومن العمل الصالح ترك المحرمات والموبقات، فإن من يرتكبها فلا يعمل صالحا، وهو خلاف قوله: وعملوا الصالحات الشرعية.
* (أن لهم جنات تجري من تحتها الأنهار) * إلا أن ذلك لا يصل إليهم، ولا يتمتعون منها إذا كانوا يؤمنون بالله ويعملون الصالحات ولا يكفرون بعد ذلك، فمن عمل من الصالحات وآمن بالله فهو له الجنة الكذائية بالاستحقاق، ولكنه أعم من وصول ما يستحقه إليه وعدمه، فإذا مات على الإيمان وتلك الأعمال الصالحة، فيصل إليه ما يستحقه.
* (كلما رزقوا منها من ثمرة رزقا قالوا هذا الذي رزقنا من قبل) *، أي