والاخلال بالواجب على ضربين: أحدهما لا يصح فيه الاكراه وحكمه معه حكم الايثار، والثاني يصح فيه الاكراه.
فالأول أفعال القلوب كلها لأن المكره لا سبيل له إلى علمها، فلا يصح الالجاء إلى شئ منها، وما يصح فيه الاكراه أفعال الجوارح، وهي على ضربين: أحدهما لا يؤثر فيه الاكراه، والثاني يؤثر فيه.
فالأول القبائح الفعلية كلها كالظلم والكذب، لأنها إنما قبحت لما عليه، ولا تعلق لها بغيرها، فلا يجوز أن يؤثر فيها الاكراه حسنا، ومن السمعيات الزنا بإجماع الأمة وشرب الخمر بإجماع الفرقة المحقة.
والثاني الواجبات العقلية والسمعية وما عدا ما ذكرناه من المحرمات.
فأما الواجبات فيؤثر فيها التأخير عن أوقاتها، وتغير كيفياتها، والنيابة فيها، وسقوط ما لا يصح ذلك فيه (1).
وأما المحرمات فيؤثر إباحتها كالميتة ولحم الخنزير والصيد في الحرم أو الإحرام وغير ذلك.
وقلنا بتغير الوجوب في العقليات بالاكراه لأن كل شئ حسن أو واجب فمشترط بانتفاء وجوه القبح، فإذا حصل في رد الوديعة أو قضاء الدين الخوف على النفس فذلك وجه قبيح يقتضي تأخير الرد والقضاء.
وأما الشرعيات فمبنية على المصالح والمفاسد التي يصح تغيرها فإذا قرر الشرع تأثير الاكراه في بعضها حصل العلم للمكلف بتغير المصلحة والمفسدة كتغيرهما في كثير من الأحوال متى اختل شرط من شروط الإيجاب أو التحريم.
فأما إظهار كلمة الكفر أو إنكار الإيمان أو كتمان كلمة مع الخوف على النفس مع الامساك عن الأولة وإظهار الثانية فيختلف الحال فيه.