إنكاره بيده ولسانه، وقد أجمع المسلمون على خلاف ذلك.
يوضحه علمنا بإقامة رسول الله صلى الله عليه وآله بمكة وهي دار كفر مع تعذر الانكار وكذلك حال أمير المؤمنين عليه السلام في المدينة في خلافة المتقدمين عليه في مقام الإمامة، وحال ذريته بكل دار دخلوها من دور أهل الضلال وحال جميع علماء القبلة وعبادها. وذلك برهان على أن الإقامة بدار الكفر لا يقبح من حيث كانت إقامة بها وإنما يقبح إذا كانت مقيدة (1) وإن كان الأولى تجنبها إلا أن يكون المقيم متمكنا من المظاهرة بالحق ونصرته بالحجة، فيكون الإقامة أفضل.
وليس لأحد أن يقول: إن الإقامة مع الامساك عن النكير إبهام.. (2) وصية (3) من وراء ذلك لأنه أقام بها لمصلحة دينية أو دنيوية لإنكارها (4) للكفر لولا هذا لقبحت الإقامة بكل دار يقع فيها شئ منكر لغير الانكار لأنه لا وجه لحضورها إلا الرضا بالقبيح فلذلك قبحت وليست هذه حال الإقامة بدار الكفر على ما سلف بيانه.
إن قيل: أليس العاقل يعلم وجوب التحرز من الضرر فكيف يحسن منه مع هذا أن يتعرض لضرر التلف باجتناب ما لا يؤثر فيه الاكراه من القبائح ولا يحسن منه التحرز بما أكره عليه من القبيح من ضرر القتل.
قيل التحرز من الضرر وإن كان واجبا فقد بينا أن كل شئ وجب فيشترط انتفاء (5) وجوه القبح، وهاهنا وجه قبح يخرج التحرز عن صفة الحسن فضلا عن الوجوب.