المعصوم، إذ لا مشارك لهم في ذلك إلا الأنبياء، فوجب لذلك القول بإمامتهم، ولا يقدح فيما اعتبرناه ما تدين به الخوارج فيهم، لأن الخوارج تقدح في عدالتهم بما وضح برهان حسنه، وأجمع المسلمون على ذلك فيه، وكلامنا مختص بتنزيههم عما يثبت قبحه. يوضح ذلك تدين كثير من العقلاء بضلال الأنبياء عليهم السلام وكذبهم في دعويهم ولم يقدح هذا الاعتقاد في صدقهم وعلو منزلتهم من حيث أسند إلى مجرد الاعتقاد المعلوم فساده بالحجة.
ومما يدل على إمامتهم صلوات الله عليهم قوله تعالى: " فاسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون " (5) فأمر من لا يعلم بسؤال أهل الذكر ليعلم، ولم يخص ذلك بشئ، دون شئ، وذلك مقتض لعلم المسؤولين بكل شي يسألون عنه معصومين فيما يفتون به، لقبح الأمر بمسألة من لا يعلم ما يسئل عنه، وعدم العلم لفتيا من يجوز عليه الخطأ عن قصد أو سهو، وإذا ثبت كون أهل الذكر المأمور بمسألتهم في الآية بهاتين الصفتين ثبت تخصيصهما بالمذكورين، لأنه لا أحد قال بذلك في الآية الأخص بها المذكورين.
وإن شئت قل: لا أحد أثبت الصفتين لأحد عداهم، وكل من أثبتها للمذكورين قال بإمامتهم.
ولأن فتياهم إذا كان موجبا للعلم وجب الاقتداء بهم فيه، لحصول الأمان من زللهم، دون من لا يوجبه فتياه ولا يؤمن فيه الضلال، ووجوب الاقتداء بهم برهان إمامتهم، وبهذا الاعتبار يسقط قول من زعم أن أهل الذكر في الآية هم اليهود والنصارى، أو القراء، أو الفقهاء، لانتفاء الصفتين الثابتتين لأهل الذكر عن كل واحد من هؤلاء باتفاق.
ويدل أيضا على إمامتهم قوله تعالى: " يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله و