إسقاطه تفضلا بعد ثبوته، أو فقد العلم بتزايده على ثواب الإيمان وما يضاهيه من الطاعات، أو فساد إحباط هذا الثواب بالزائد عليه، يمنع كل واحد من ذلك من القول بوعيد الفساق من المسلمين على ما يذهبون إليه فيه.
فأما فساد القول بدوامه فقد سلف برهانه وسقوط دعوى ثبوته عقلا وسمعا.
وأما سقوطه بالعفو فقد بينا جوازه عقلا وثبوته سمعا.
وأما طريق العلم بتزايد العقاب على ثواب الإيمان فمتعذر عقلا وسمعا حسب ما بيناه في الكتاب المذكور.
وأما إحباط العقاب لثواب الإيمان فقد تقدم فساد دعوى صحته واستوفينا الكلام... واجتنب سائر الكبائر المعينة وأخل بما عدا ذلك من جميع الواجبات وارتكب سائر القبائح العقلية والسمعية بم تسمعون وتحكمون عليه؟ فإن قالوا:
نسميه فاسقا ونحكم عليه بعقاب الفساق من الخلود في النار قيل لهم: وأي يدلكم (1) مع قولكم بأن إطلاق هذا الاسم وإثبات حكمه مختص بذوي الكبائر وهذا قد اجتنبها، وكيف يصح وصفه بالفسق والحكم عليه بما يقتضيه مع تجويز ثبوت إيمانه واجتنابه الكبائر وثبوت ثوابهما وسقوط عقاب جميع ما أتاه من القبح في جنب هذا الثواب.
وبعد فكلكم يذهب إلى أن اجتناب الكبائر مقتض لتكفير ما عداها ويعتمد في ذلك على قوله تعالى: " إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم " (2) فكيف يتم لكم مع هذا المذهب وصف مجتنبها بالفسق والحكم عليه بحكمه؟
فإن قالوا: تكفير السيئات وثبوت ثواب الإيمان مشترط باجتناب سائر