الفضل وهي موقوفة على إذنه تعالى.
لأن الآخرة لما كانت أفضل الدارين بكونها دار الجزاء وغاية المستحقين، وجعل الله سبحانه إلى هؤلاء المصطفين أفضل منازله وأسنى درجاته من اللواء والحوض والشفاعة وقسمة النار دل على تخصصهم من الفضل بما لا مشارك لهم فيه.
وإنما قلنا بسقوط تكليف أهل الآخرة لأمور:
منها إجماع الأمة على أنه لا يستحق أحد في الآخرة ثوابا ولا عقابا لم يستحقها في دار الدنيا وتجويز... هذا الإجماع بغير ريب.
وأيضا فإن فتيا الأمة بأسرها بأنه لا تكليف في الآخرة سابق لحدوث المخالف في ذلك فلا يجوز... الثواب ويخرجه عن صفته. ويصحح... المعاقب يقتضي صحة سقوط عقابه.. لا يستحق ثوابا ولا عقابا لا حق بهما... الآخرة بحضور المستحق من الثواب والعقاب العظيمي القدر... يقتضي قبحه لكون ذلك ملجئا والالجاء ينافي التكليف.
ولا اعتراض على ما قلنا بقوله تعالى لأهل الجنة: " كلوا واشربوا " (1) وأن هذا أمر والأمر تكليف.
لأن الأمر لم يكن أمرا للصيغة وإنما كان أمرا بالإرادة، ولهذا لم يكن قوله تعالى: " وإذا حللتم فاصطادوا " (2) " فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض " (3) أمرا وإن كانت الصيغة حاصلة، من حيث لم يرد سبحانه ما تعلقت الصيغة به، فكذلك قوله تعالى لأهل الجنة: " كلوا واشربوا " إنما هو إباحة.