المجرى في الشاهد.
ومن حق المبعوث أن يكون معصوما فيما يؤديه من المصالح والمفاسد من حيث كان تجويز الخطأ عليه في شئ من ذلك عن سهو أو عمد ترفع الثقة بشئ مما جاء به، ويمنع من امتثاله، لوقوف الامتثال على علم المكلف كون ما أمر به صلاحا وما نهى عنه فسادا، وتجويز الخطأ عليه يرفع الثقة بشئ مما أتى به، فوجب لذلك القطع على عصمته فيما يؤديه، ولهذا الاعتبار أجمع المسلمون على عصمة الأنبياء عليهم السلام في الأداء، لعلمهم بأن تجويز الخطاء فيه يسقط فرض الشرائع فعلا وتركا.
ومن حقه أن يكون معصوما من جميع القبائح صغائرها وكبائرها، لأن تجويز القبيح عليه يقتضي التنفير عنه، لأن من علم مواقعا للقبيح أو جوز عليه ذلك تنفر النفوس عن اتباعه ولا تسكن إليه سكونها إلى من لا يجوز منه القبيح، إذا كان الغرض في بعثة النبي صلى الله عليه وآله العمل بما يأتي به وكان ذلك فرعا لصدقه الموقوف على النظر في معجزة المتعلق بحصول داع إليه وجب تنزيهه عن كل شئ نفر عنه.
ولهذا الاعتبار نزهه الكل الفظاظة والغلظة والجنون والجذام والبرص وإن كان ذلك حسنا، من حيث كان مقتضيا للتنفير عنه، وله وجب تنزيهه عن كفر الآباء وخساستهم في الناس وعهر الأزواج من حيث كان المرء يعير بكفر آبائه وخساستهم وأن رتبة من تسأله الفضلاء الأبرار في النفوس بخلاف رتبة من تسأله الفجار وذوو الدنائة.
ولذلك نجد العقلاء يتمدحون بفضل آبائهم وعلو قدرهم ويذمون من تسأله الأراذل ويصغرون به وإن كان فاضلا، وكذلك الحكم في عهر الأزواج وكونه غاضا من قدر أزواجهن بغير شبهة، وإذا وجب تنزيههم عليهم السلام من كل