رئيسا مستصلحا به الرعية لا يتم صلاحهم إلا بطاعته فيجب الطاعة ههنا في حق صلاح المطيع وانتفاء مفاسده وإن لم يتقدم له نعمة يقتضي ذلك.
على أن الرئيس يتحمل من كلفة النظر في مصالح الرعية ومعارضهم [معرضهم. خ] لما يوجب شكره المقتضي تعظيمه لعظيم ما أوجب طاعته (1)، فأما تعظيمه فكاشف عن استحقاقه من الثواب ما لا يستحقه أحد من رعيته حسب ما قدمناه، وذلك يقتضي ثبوت طاعات للرئيس، استحق بها ذلك لما قبل النصبة أو بها إذا كان تكلفه بأعباء الرئاسة وصبره على تحمل مشاقها من أعظم الطاعات.
ولا بد من كونه أعلمهم بالسياسة، لكونها إماما فيها، وقد علمنا قبح تقليد الجاهل ما لا يعلمه وجعله إماما في شئ يفتقر فيه إلى من هو إمام عليه فيه.
فأما علمه بالأحكام ففرع لكونه حاكما فيها، وقد علمنا من جهة السمع كون الإمام حاكما في جميع المسألة (2)، فيجب كونه عالما [بها] لقبح تكليف الحكيم (3) بما لا يعلمه مكلفه.
وعلمنا من جهة منصوبا للأمر بكل معروف والنهي عن كل منكر، وذلك يقتضي علمه بالجميع، لأن الأمر بالشئ والحمل عليه بالقهر فرع العلم بوجوبه، والنهي عن الشئ والمنع منه بالقهر فرع للعلم بقبحه، لعلم كل عاقل بقبح الحمل على ما لا يعلم وجوبه، والمنع مما لا يعلم قبحه.
وليس لأحد أن يقول: فهذا يوجب كون حكام الإمام في البلاد مساوين له في العلم.
لأن ولاية الحكام خاصة فيما علموه، وما لم يعلموه مردود إلى الإمام ليحكم