والذي يقتضيه الظاهر كونه طريقا لأهل الجنة خاصة لأن كل موضوع ذكر سبحانه فيه الصراط وصفه بالاستقامة ومدح سالكه، فمنه قوله تعالى: " أفمن يمشي مكبا على وجهه أهدى أمن يمشي سويا على صراط مستقيم " (1) وقوله سبحانه: " إهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين " (2) وأمثال ذلك. وهذا الظاهر مانع من كونه. وقد سمى الله تعالى برهان الحق صراطا فقال تعالى: " وإن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله " (3) وقوله تعالى: " وإنك لتدعوهم إلى صراط [مستقيم] (4) " وهذا صراط ربك مستقيما " (5) فذكر الصراط هاهنا لا يحتمل إلا برهان الحق الذي تعبد به سبحانه.
إن قيل فإذا كان القديم تعالى يستحيل إدراكه واختصاصه بالجهات فعلى أي وجه تقع المحاسبة؟.
قيل: يصح ذلك منه تعالى بأن يفعل لكل واحد من المحاسبين كلاما يتضمن تقريره على أعماله ويضطره إلى العلم بكونه كلاما له وإلى الاعتراف بما عمله وعلم المستحق عليه ثم يأمر ملائكة الرضوان بإدخاله الجنة إن كان من أهلها وملائكة التعذيب بإدخاله النار إن كان من أهلها، ويصح أن يرد ذلك إلى بعض خلقه لولا قوله تعالى متمدحا بتولي المحاسبة: " وهو أسرع الحاسبين " (6) ما ورد من النص على وقوع المحاسبة على وجه لا يصح من