فصل في بيان الحال التي يثبت فيها المستحق والتي يفعل فيها إذا كان الغرض بالتكليف التعريض للثواب واقتضت المصلحة ما ورد السمع به من الزجر بالعقاب، وجب الحكم بثبوت استحقاقهما عقيب الطاعة والمعصية لوقوع كل منهما على الوجه المقتضي للاستحقاق، فلو لم يكونا مستحقين عقبيهما لم يثبت استحقاقهما، لأنه لا حال بثبوته أولى من حال، والحكمة تقتضي تأخيرهما عن زمان التكليف وحال انقطاعه زمانا غير معلوم، لأنهما لو أوصلا إلى مستحقهما... لاقتضى ذلك الالجاء إلى فعل الواجب واجتناب القبيح وذلك مناف... شاق تنغمر مشقته في جنبه، وإلى ضرر عظيم متى أخل به تنغمر في جنبه راحة تركه... تنفع على الاجتناب والضرر على الفعل هو ملجأ...
والحال المفعول فيها الثواب والعقاب غير معلومة.. وقد نص عليها سبحانه في كتابه وعلى لسان رسول الله صلى الله عليه وآله وعين المستحقين وكيفيتهما ومحل إيصالهما فوجب القطع به.
وتأخيرهما إلى تلك الحال وهو يوم البعث، للمانع الذي ذكرناه، لا يمنع من استحقاقهما عقيب الطاعة والمعصية، لأنه قد يعرض في الحقوق ما يقتضي تأخيرها إذا علم أو ظن أن في تعجيلها فسادا، فإذا أوصل المثاب إلى مستحقه فرقت عليه في أوقات الإثابة ما فاته من الأقساط المستحقة في الأزمنة الماضية