من الشوائب حسب ما أخبر به تعالى.
وأما الشكر فهو الاعتراف بالنعمة على وجه التعظيم للمنعم.
وقلنا ذلك، لأنه متى قرن بالتعظيم كان شكرا ومتى انفرد أحدهما من الآخر لم يكن شكرا.
وهو من أفعال القلوب ومن جنس الاعتقادات والعلوم، ولذلك يوصف من علم معترفا خاضعا بأنه شاكر وإن كان ساكتا أو أخرس، وإنما يفتقر إلى القول المعرب عن حال الشاكر ليعلم أنه قد أدى ما يجب عليه منه، فهو واجب لرفع الابهام، فإن زال اللبس سقط فرض النطق بما ينبئ عنه، ولذلك لم يجب النطق به في حق شكره سبحانه في كل حال ذكر وإن كان شكره فيها واجبا، فأما ما يختص القلب في الاعتراف والخضوع فواجب في كل حال ذكر.
والحمد والشكر صيغتان وضعتا لمعنى واحد، إذ لا فرق بين قولنا: حامد وشاكر.
وهو مستحق بالانعام خاصة، وهو كل عمل قصد به نفع الغير أو من يتعدى إليه نفعه أو دفع ضرر عنه أو عن من يتعدى إليه ضرره، أو ما أدى إليهما، لأن كل من علم ما له هذه الصفات علمه نعمة، وقد تقع النعمة على وجه فيكون شكرها عبادة، وعلى وجه فيكون طاعة، وعلى وجه فيكون اعترافا وخضوعا فقط.
فالأول أن تكون أصولا للنعم وبالغة مبلغا لا تبلغه نعمة منهم ولا يتقدر نعمة من دونها، وذلك مختص بنعمه سبحانه، لكونها أصولا للنعم من الحياة والعقل والحواس ومدركاتها والشهوة والمشتهيات، وغاية في الإنعام لبلوغها مبلغا لا يوفي جميع نعم المنعمين بواحدها ولا يتقدر من دونها كالحياة والشهوة، فلذلك استحق سبحانه من الشكر مبلغا لا يدانيه شكر منعم، ووصف لذلك بعبادة، لكونه غاية في الخضوع له تعالى، وكون الخاضع عابدا، ولذلك قلنا: إن