الواجب ومنعه من القبيح لكونه كذلك أو لكونه لطفا متعذر، وإنما علم ذلك بعد التعبد بسائر الفرائض الشرعية.
فما يتعلق منه بأفعال القلوب من إرادة الواجب وكراهية القبيح فرض يعم كل مكلف علمهما، وما عدا ذلك من الأقوال والأفعال المؤثرة في وقوع الحسن وارتفاع القبيح يقف وجوبه على شروط خمس:
منها العلم بحسن المأمور وقبح المنهي، ومنها التمكن من الأمر والنهي، ومنها غلبة الظن بوقوع القبيح والاخلال بالواجب مستقبلا، ومنها تجويز تأثيرهما ومنها أن لا تكون فيها [فيهما. ظ] مفسدة.
واعتبرنا العلم، لأن الحمل على ما يجوز الحامل كونه قبيحا، والمنع مما لا يقطع على قبحه، بالقهر قبيح لا يحسن على حال فضلا عن وجوبه، ولا سبيل إلى لقطع على الحسن والقبح إلا بالعلم.
واعتبرنا قوة الظن بما يتوقع دون الماضي، لأن الغرض بهذا التكليف وقوع الواجب وارتفاع القبيح، والماضي لا يتقدر هذا فيه، والتجويز لو كفى في الايجاب لوجب الانكار على كل من لا تعلم عصمته من أبرار الأمة وعبادها لتجويز وقوع القبيح منهم وذلك فاسد.
واعتبرنا التمكن، لقبح التكليف من دونه عقلا وسمعا.
واقتصرنا في الايجاب على التجويز دون غلبة الظن بالتأثير، لأن أدلة إيجاب الأمر والنهي مطلقة غير مشترطة بظن التأثير، وإثباته شرطا يقتضي إثبات ما لا دليل عليه، ويؤدي إلى تقييد مطلق الوجوب بغير حجة.
وأيضا فقد علمنا وجوب الجهاد مع قوة الظن بأن المجاهد لا يؤمن، ومع حصول العلم بذلك يبطل اعتبار الظن في الوجوب.
إن قيل: إذا كان الغرض بالأمر والنهي حصول التأثير فينبغي إذا غلب