سبحانه في عصيان المكلف، لانفصال حدوث إرادته سبحانه على الوجه المخصوص عن كونه عالما، وعدم تأثير علمه في قبحها أو حسنها، ويوضح ذلك أن علمنا أو ظننا بأن الغير لا يختار الحسن واجتناب القبيح لا يقتضي قبح إرادتنا منه أن يفعل الحسن ويجتنب القبيح، ولذلك يحسن منا أن نعرض الطعام على الجائع مع ظننا بأنه لا يأكل، وندلي الحبل إلى الغريق مع الظن بأنه لا يعتصم به، وندعو إلى فعل الحسن واجتناب القبيح جميع العقلاء مع علمنا بأن أكثرهم لا يقبل، ونريد من أهل الذمة وغيرهم من ضروب الكفار الإيمان مع الظن بأن جميعهم لا يؤمن، ومن العصاة المصرين التوبة مع العلم في أكثرهم والظن في الباقين بأنهم لا يختارونها، ولا يقتضي هذا العلم أو الظن قبح هذه الإرادات عند أحد من العقلاء، بل حسنها معلوم ضرورة (1) وكونه إحسانا إلى من عرض بها للنفع العظيم الذي هو إحسان.
والوجه في توعد العاصي بالعقاب توفير دواعيه إلى الواجبات وصوارفه عن القبائح ليصل بفعل ذلك واجتناب هذه إلى ما عرض له (2) من عظيم المنافع، لكون الخوف من الضرر في الفعل (3) والاخلال بالواجب داعيا و صارفا معلوما (4) ضرورة.
[الوجه في إنزال القرآن محكما ومتشابها] (5) والوجه في إنزال القرآن محكما ومتشابها أمور: