وهذا فرسا وهذا حملا (1) وهذا حيا ليس بموجب لكون هذه المعلومات على الصفة التي تعلق العلم بها، بل بعضها بإيثار المكلف والبعض الآخر بفعله تعالى، كشف العلم بها للعالم ما هي عليه في أنفسها، وإن استحال أن يكون الكافر في حال كفره مؤمنا والمؤمن كافرا والانسان في حال تعلق العلم به فرسا والفرس إنسانا والحي جمادا والجماد حيا، لأن متعلق (2) العلم يقتضي كون معلومه على ما تعلق به، وبهذا الحكم فارق سائر الاعتقادات.
[الوجه في بعثة الرسل بالشرائع] (3) والوجه في بعثة الرسل بالشرائع كونها بيانا لمصالح المبعوث إليهم من مفاسدهم، وقد بينا وجوب ما له هذه الصفة، لكونها لطفا من حيث كان [اللطف] لا يختص شيئا معينا، فغير ممتنع أن يعلم سبحانه أن من جنس أفعال المكلفين أو بعضهم ما إذا فعلوه دعا إلى الواجب العقلي وصرف عن القبيح، وما إذا فعلوه أو اجتنبوه دعا إلى القبيح وصرف عن الواجب، وما إذا فعلوه أو اجتنبوه دعا إلى المندوب.
وإذا علم ذلك وجب في حكمته سبحانه إعلام المكلف به ليفعل ما هو مصلحة له كصلاة الخمس وصوم الشهر، ويجتنب ما هو مفسدة له كالزنا و الربا (4) وشرب الخمر، لكون ذلك واجبا في حق كونه (5) سبحانه مريدا (6)