رمقت النبي صلى الله عليه وسلم فلم يزل يلبي حتى رمى جمرة العقبة بأول حصاة قال أبو بكر ولعله يخطر ببال بعض العلماء أن في هذا الخبر دلالة على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقطع التلبية عند أول حصاة يرميها من جمرة العقبة وهذا عندي من الجنس الذي أعلمت في غير موضع من كتابنا أن الأمر قد يكون إلى وقت موقت في الخبر والزجر يكون إلى وقت موقت في الخبر ولا يكون في ذكر الوقت ما يدل على أن الأمر بعد ذلك الوقت ساقط ولا أن وتعاقبوا بعد ذلك الوقت ساقط كزجره من صلى الله عليه وسلم عن الصلاة بعد الصلاة حتى تطلع الشمس فلم يكن في قوله دلالة على أن الشمس إذا طلعت فالصلاة جائزة عند طلوعها إذ النبي صلى الله عليه وسلم قد زجر أن يتحرى بالصلاة طلوع الشمس وغروبها والنبي صلى الله عليه وسلم قد أعلم أن الشمس تطلع بين قرني شيطان فزجر عن الصلاة عند طلوع الشمس وقال وإذا ارتفعت فارقها فدلهم بهذه المخاطبة أن الصلاة عند طلوعها غير جائزة حتى ترتفع الشمس وقد أمليت من هذا الجنس مسائل كثيرة في الكتب المصنفة والدليل على صحة هذا التأويل الحديث المصرح الذي حدثناه محمد بن حفص الشيباني ثنا حفص بن الصالح ثنا جعفر بن محمد عن أبيه عن علي بن حسين عن بن عباس عن أخيه الفضل قال أفضت مع النبي صلى الله عليه وسلم في عرفات فلم يزل يلبي حتى رمى جمرة العقبة يكبر مع كل حصاة ثم قطع التلبية مع آخرها حصاة قال أبو بكر فهذا الخبر يصرح أنه قطع التلبية مع آخر حصاة لا مع أولها فإن لم يفهم بعض طلبة العلم هذا الجنس الذي ذكرنا في الوقت فأكثر ما في هذين الخبر من أساس لو قال لم يلب النبي صلى الله عليه وسلم بعد أول حصاة رماها
(٢٨٢)