عبد الملك وإنما أمر بمعرفتها ليعلم صدق وكذب من يدعيها في شرح السنة اختلفوا في تأويل قوله اعرف عفاصها في أنه لو جاء رجل وادعى اللقطة وعرف عفاصها ووكاءها هل يجب الدفع إليه فذهب مالك وأحمد إلا أنه يجب الدفع إليه من غير بينة إذ هو المقصود من معرفة العفاص والوكاء وقال الشافعي وأصحاب أبي حنيفة رحمه الله إذا عرف الرجل العفاص والوكاء والعدد والوزن ووقع في نفسه أنه صادق فله أن يعطيه وإلا فببينة لأنه قد يصيب في الصفة بأن يسمع الملتقط بصفها فعلى هذا تأويل قوله اعرف عفاصها ووكاءها لئلا تختلط بماله اختلاطا لا يمكنه التمييز إذا جاء مالكها انتهى ما في المرقاة قلت قد وقع في حديث أبي بن كعب عند مسلم وغيره فإن جاء أحد يخبر ك بعددها ووعائها ووكائها فأعطها إياه قال الحافظ في الفتح وقد أخذ بظاهر هذه الزيادة مالك وأحمد وقال أبو حنيفة والشافعي إن وقع في نفسه صدقة جاز أن يدفع إليه ولا يجبر على ذلك إلا ببينة لأنه قد يصيب الصفة وقال الخطابي إن صحت هذه اللقطة لم يجز مخالفتها وهي فائدة قوله اعرف عفاصها الخ وإلا فالاحتياط مع من لم ير الرد إلا بالبينة قال ويتأول قوله اعرف عفاصها على أنه أمره بذلك لئلا تختلط بماله أو لتكون الدعوى فيها معلومة قال الحافظ قد صحت هذه الزيادة فتعين المصير إليها انتهى قلت قد ذكر وجه صحة هذه الزيادة في الفتح من شاء الوقوف على ذلك فليرجع إليه (فإن جاء ربها) أي مالك اللقطة (فأدها إليه) فيه دليل على بقاء ملك مالك اللقطة خلافا لمن أباحها بعد الحول بلا ضمان (فضالة الغنم) بتشديد اللام أي غاويتها أو متروكتها مبتدأ خبره محذوف أي ما حكمها (هي لك) أي إن أخذتها وعرفتها ولم تجد صاحبها فإن لك أن تملكها (أو لأخيك) يريد به صاحبها والمعنى إن أخذتها فظهر مالكها فهو له أو تركتها فاتفق أن صادفها فهو أيضا له وقيل معناه إن لم تلتقطها يلتقطها غيرك (أو للذئب) بالهمزة وإبداله أي إن تركت أخذها الذئب وفيه تحريض على التقاطها قال الطيبي أي تركتها ولم يتفق أن يأخذها غيرك يأكله الذئب غالبا بذلك على جواز التقاطها وتملكها وعلى ما هو العلة لها وهي كونها معرضة للضياع ليدل على اطراد هذا الحكم في كل حيوان يعجز عن الرعي بغير راع (احمرت وجنتاه) أي خداه (أو احمر وجهه) شك من الراوي (مالك ولها) أي شئ لك ولها قيل ما شأنك معها أي اتركها ولا تأخذها معها حذاؤها وسقاؤها الحذاء بالمد النعل والسقاء بالكسر القربة والمراد هنا بطنها وكروشها فإن فيه رطوبة يكفي أياما كثيرة من الشرب فإن الإبل قد يتحمل من الظماء ما لا يتحمله سواء من البهائم ثم أراد أنها تقوى على المشي وقطع الأرض وعلى قصد المياه وورودها ورعي الشجر
(٥١٥)