ولا يرون للجار شفعة إذا لم يكن خليطا) واستدلوا بحديث جابر المذكور واستدلوا أيضا بأن الشفعة ثبتت على خلاف الأصل لمعنى معدوم في الجار وهو أن الشريك ربما دخل عليه شريكه فتأذى به فدعت الحاجة إلى مقاسمته فيدخل عليه الضرر بنقص قيمة ملكه وهذا لا يوجد في المقسوم (وقال بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم الشفعة للجار) وبه قال أبو حنيفة وأصحابه (واستدلوا بالحديث المرفوع عن النبي صلى الله عليه وسلم قال جار الدار أحق بالدار) قد تقدم هذا الحديث في باب ما جاء في الشفعة (وقال الجار أحق بسقبه) بفتح السين المهملة والقاف ويجوز إسكانها وهو القرب والملاصقة أخرجه البخاري عن عمرو بن الشريد قال وقفت على سعد بن أبي وقاص فجاء المسور بن مخرمة فوضع يده على إحدى منكبي إذ جاء أبو رافع مولى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا سعد ابتع مني بيتي في دارك فقال سعد والله ما أبتاعهما فقال المسور والله لتبتاعنهما فقال سعد والله لا أزيدك على أربعة آلاف منجمة أو مقطعة قال أبو رافع لقد أعطيت بهما خمسمائة دينار ولولا أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الجار أحق بسقبه ما أعطيتكهما بأربعة آلاف وإنما أعطى بهما خمسمائة دينار فأعطاه إياه قال الحافظ في الفتح قال ابن بطال استدل بهذا الحديث أبو حنيفة وأصحابه على إثبات الشفعة للجار وأوله غيرهم على أن المراد به الشريك بناء على أن أبا رافع كان شريك سعد في البيتين ولذلك دعاه إلى الشراء منه قال وأما قولهم إنه ليس في اللغة ما يقتضي تسمية الشريك جارا فمردود فإن كل شئ قارب شيئا قيل له جار وقد قالوا لامرأة الرجل جارة لما بينهما من الخالطة انتهى وتعقبه ابن المنير بأن ظاهر الحديث أن أبا رافع كان يملك بيتين من جملة دار سعد لا شقصا شائعا من منزل سعد وذكر عمر بن شبة أن سعدا كان اتخذ دارين بالبلاط متقابلتين بينهما عشرة أذرع وكانت التي عن يمين المسجد منهما لأبي رافع فاشتراها سعد منه ثم ساق حديث الباب فاقتضى
(٥١١)