بسماع ومتابعة سامع من شيخ اختلط قبل ذلك منتزعا كل ذلك من أمهات المسانيد والجوامع والمستخرجات والاجزاء والفوائد بشرط الصحة أو الحسن فيما أورده من ذلك وثالثا أصل ما انقطع من معلقاته وموقوفاته وهناك تلتئم زوائد الفوائد وتنتظم شوارد الفرائد ورابعا أضبط ما يشكل من جميع ما تقدم أسماء وأوصافا مع ايضاح معاني الألفاظ اللغوية والتنبيه على النكت البيانية ونحو ذلك وخامسا أورد ما استفدته من كلام الأئمة مما استنبطوه من ذلك الخبر من الاحكام الفقهية والمواعظ الزهدية والآداب المرعية مقتصرا على الراجح من ذلك متحريا للواضح دون المستغلق في تلك المسالك مع الاعتناء بالجمع بين ما ظاهره التعارض مع غيره والتنصيص على المنسوخ بناسخه والعام بمخصصه والمطلق بمقيده والمجمل بمبينه والظاهر بمؤوله والإشارة إلى نكت من القواعد الأصولية ونبذ من فوائد العربية ونخب من الخلافيات المذهبية بحسب ما اتصل بي من كلام الأئمة واتسع له فهمي من المقاصد المهمة وأراعي هذا الأسلوب إن شاء الله تعالى في كل باب فإن تكرر المتن في باب بعينه غير باب تقدم نبهت على حكمة التكرار من غير إعادة له الا أن يتغاير أو معناه فأنبه على الموضع المغاير خاصة فان تكرر في باب آخر اقتصرت فيما بعد الأول على المناسبة شارحا لما لم يتقدم له ذكر منبها على الموضع الذي تقدم بسط القول فيه فإن كانت الدلالة لا تظهر في الباب المقدم إلا على بعد غيرت هذا الاصطلاح بالاقتصار في الأول على المناسبة وفي الثاني على سياق الأساليب المتعاقبة مراعيا في جميعها مصلحة الاختصار دون الهذر والاكثار والله أسأل أن يمن على بالعون على اكماله بكرمه ومنه وأن يهديني لما اختلف فيه من الحق باذنه وأن يجزل لي على الاشتغال بآثار نبيه الثواب في الدار الأخرى وأن يسبغ على وعلى من طالعه أو قرأه أو كتبه النعم الوافرة تترى أنه سميع مجيب * (المقدمة) * * (الفصل الأول) * في بيان السبب الباعث لأبي عبد الله البخاري على تصنيف جامعه الصحيح وبيان حسن نيته في ذلك (اعلم) علمني الله وإياك أن آثار النبي صلى الله عليه وسلم لم تكن في عصر أصحابه وكبار تبعهم مدونة في الجوامع ولا مرتبة لأمرين أحدهما انهم كانوا في ابتداء الحال قد نهوا عن ذلك كما ثبت في صحيح مسلم خشية أن يختلط بعض ذلك بالقرآن العظيم * وثانيهما لسعة حفظهم وسيلان أذهانهم ولان أكثرهم كانوا لا يعرفون الكتابة ثم حدث في أواخر عصر التابعين تدوين الآثار وتبويب الأخبار لما انتشر العلماء في الأمصار وكثر الابتداع من الخوارج والروافض ومنكري الاقدار فأول من جمع ذلك الربيع بن صبيح وسعيد بن أبي عروبة وغيرهما وكانوا يصنفون كل باب على حدة إلى أن قام كبار أهل الطبقة الثالثة فدونوا الأحكام فصنف الإمام مالك الموطأ وتوخى فيه القوي من حديث أهل الحجاز ومزجه بأقوال الصحابة وفتاوى التابعين ومن بعدهم وصنف أبو محمد عبد الملك بن عبد العزيز ابن جريج بمكة وأبو عمر وعبد الرحمن بن عمر والأوزاعي بالشام وأبو عبد الله سفيان بن سعيد الثوري بكوفة وأبو سلمة حماد بن سلمة بن دينار بالبصرة ثم تلاهم كثير من أهل عصرهم في النسج على منوالهم إلى أن رأى بعض الأئمة منهم أن يفرد حديث النبي صلى الله عليه وسلم
(٤)