ترجم له وقد اتفق العلماء على أن من خصائصه صلى الله عليه وسلم الزيادة على أربع نسوة يجمع بينهن واختلفوا هل للزيادة انتهاء أو لا وفيه دلالة على أن القسم لم يكن واجبا عليه وسيأتى البحث فيه في بابه وقوله وقال لي خليفة إلى آخره قصد به بيان تصريح قتادة بتحديث أنس له بذلك * الحديث الثالث (قوله حدثنا علي بن الحكم الأنصاري) هو المروزي مات سنة ست وعشرين (قوله عن رقبة) بفتح القاف والموحدة هو ابن مصقلة بصاد مهملة ساكنة ثم قاف ويقال بالسين المهملة بدل الصاد وطلحة هو ابن مصرف اليامي بتحتانية مخففا (قوله قال لي ابن عباس هل تزوجت قلت لا) زاد فيه أحمد بن منيع في مسنده من طريق أخرى عن سعيد بن جبير قال لي ابن عباس وذلك قبل أن يخرج وجهي أي قبل أن يلتحى هل تزوجت قلت لا وما أريد ذلك يومى هذا وفى رواية سعيد بن منصور من طريق أبى بشر عن سعيد بن جبير قال لي ابن عباس هل تزوجت قلت ما ذاك في الحديث (قوله فان خير هذه الأمة أكثرها نساء) قيد بهذه الأمة ليخرج مثل سليمان عليه السلام فإنه كان أكثر نساء كما تقدم في ترجمته وكذلك أبوه داود ووقع عند الطبراني من طريق أيوب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس تزوجوا فان خيرنا كان أكثرنا نساء قيل المعنى خير أمة محمد من كان أكثر نساء من غيره ممن يتساوى معه فيما عدا ذلك من الفضائل والذي يظهر أن مراد ابن عباس بالخير النبي صلى الله عليه وسلم وبالأمة اخصاء أصحابه وكأنه أشار إلى أن ترك التزويج مرجوح إذ لو كان راجحا ما آثر النبي صلى الله عليه وسلم غيره وكان مع كونه أخشى الناس لله وأعلمهم به يكثر التزويج لمصلحة تبليغ الأحكام التي لا يطلع عليها الرجال ولاظهار المعجزة البالغة في خرق العادة لكونه كان لا يجد ما يشبع به من القوت غالبا وان وجد كان يؤثر بأكثره ويصوم كثيرا ويواصل ومع ذلك فكان يطوف على نسائه في الليلة الواحدة ولا يطاق ذلك الا مع قوة البدن وقوة البدن كما تقدم في أول أحاديث الباب تابعة لما يقوم به من استعمال المقويات من مأكول ومشروب وهى عنده نادرة أو معدومة ووقع في الشفاء أن العرب كانت تمدح بكثرة النكاح لدلالته على الرجولية إلى أن قال ولم تشغله كثرتهن عن عبادة ربه بل زاده ذلك عبادة لتحصينهن وقيامه بحقوقهن واكتسابه لهن وهدايته إياهن وكأنه أراد بالتحصين قصر طرفهن عليه فلا يتطلعن إلى غيره بخلاف العزبة فان العفيفة تتطلع بالطبع البشرى إلى التزويج وذلك هو الوصف اللائق بهن والذي تحصل من كلام أهل العلم في الحكمة في استكثاره من النساء عشرة أوجه تقدمت الإشارة إلى بعضها * أحدها أن يكثر من يشاهد أحواله الباطنة فينتفى عنه ما يظن به المشركون من أنه ساحر أو غير ذلك * ثانيها لتتشرف به قبائل العرب بمصاهرته فيهم * ثالثها للزيادة في تألفهم لذلك * رابعها للزيادة في التكليف حيث كلف أن لا يشغله ما حبب إليه منهن عن المبالغة في التبليغ * خامسها لتكثر عشيرته من جهة نسائه فتزاد أعوانه على من يحاربه * سادسها نقل الأحكام الشرعية التي لا يطلع عليها الرجال لان أكثر ما يقع مع الزوجة مما شأنه أن يختفى مثله * سابعها الاطلاع على محاسن أخلاقه الباطنة فقد تزوج أم حبيبة وأبوها إذ ذاك يعاديه وصفية بعد قتل أبيها وعمها وزوجها فلو لم يكن أكمل الخلق في خلقه لنفرن منه بل الذي وقع أنه كان أحب إليهن من جميع أهلهن * ثامنها ما تقدم مبسوطا من خرق العادة له في كثرة الجماع مع التقلل من المأكول والمشروب وكثرة
(٩٩)