شبابا لا نجد شيا فإنه يدل على أن المراد بالباءة الجماع ولا مانع من الحمل على المعنى الأعم بان يراد بالباءة القدرة على الوطء ومؤن التزويج والجواب عما استشكله المازري انه يجوز ان يرشد من لا يستطيع الجماع من الشباب لفرط حياء أو عدم شهوة أو عنه مثلا إلى ما يهيئ له استمرار تلك الحالة لان الشباب مظنة ثوران الشهوة الداعية إلى الجماع فلا يلزم من كسرها في حالة ان يستمر كسرها فلهذا أرشد إلى ما يستمر به الكسر المذكور فيكون قسم الشباب إلى قسمين قسم يتوقون إليه ولهم اقتدار عليه فندبهم إلى التزويج دفعا للمحذور بخلاف الآخرين فندبهم إلى أمر تستمر به حالتهم لان ذلك أرفق بهم للعلة التي ذكرت في رواية عبد الرحمن بن يزيد وهى أنهم كانوا لا يجدون شيئا ويستفاد منه أن الذي لا يجد أهبة النكاح وهو تائق إليه يندب له التزويج دفعا للمحذور (قوله فليتزوج) زاد في كتاب الصيام من طريق أبى حمزة عن الأعمش هنا فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج وكذا ثبتت هذه الزيادة عند جميع من أخرج الحديث المذكور من طريق الأعمش بهذا الاسناد وكذا ثبت باسناده الآخر في الباب الذي يليه ويغلب على ظني أن حذفها من قبل حفص بن غياث شيخ شيخ البخاري وانما آثر البخاري روايته على رواية غيره لوقوع التصريح فيها من الأعمش بالتحديث فاغتفر له اختصار المتن لهذه المصلحة وقوله أغض أي أشد غضا وأحصن أي أشد احصانا له ومنعا من الوقوع في الفاحشة وما ألطف ما وقع لمسلم حيث ذكر عقب حديث ابن مسعود هذا بيسير حديث جابر رفعه إذا أحدكم أعجبته المرأة فوقعت في قلبه فليعمد إلى امرأته فليواقعها فان ذلك يرد ما في نفسه فان فيه إشارة إلى المراد من حديث الباب وقال ابن دقيق العيد يحتمل أن تكون أفعل على بابها فان التقوى سبب لغض البصر وتحصين الفرج وفى معارضتها الشهوية الداعية وبعد حصول التزويج يضعف هذا العارض فيكون أغض وأحصن مما لم يكن لان وقوع الفعل مع ضعف الداعي أندر من وقوعه مع وجود الداعي ويحتمل أن يكون أفعل فيه لغير المبالغة بل اخبار عن الواقع فقط (قوله ومن لم يستطع فعليه بالصوم) في رواية مغيرة عن إبراهيم عند الطبراني ومن لم يقدر على ذلك فعليه بالصوم قال المازري فيه اغراء بالغائب ومن أصول النحويين أن لا يغرى الغائب وقد جاء شاذا قول بعضهم عليه رجلا ليسنى على جهة الاغراء وتعقبه عياض بأن هذا الكلام موجود لابن قتيبة والزجاجي ولكن فيه غلط من أوجه أما أولا فمن التعبير بقوله لا اغراء بالغائب والصواب فيه اغراء الغائب فأما الاغراء بالغائب لجائز ونص سيبويه أنه لا يجوز دونه زيدا ولا يجوز عليه زيدا عند إرادة غير المخاطب وانما جاز للحاضر لما فيه من دلالة الحال بخلاف الغائب فلا يجوز لعدم حضوره ومعرفته بالحالة الدالة على المراد وأما ثانيا فان المثال ما فيه حقيقة الاغراء وإن كانت صورته فلم يرد القائل تبليغ الغائب وانما أراد الاخبار عن نفسه بأنه قليل المبالاة بالغائب ومثله قولهم إليك عنى أي اجعل شغلك بنفسك ولم يرد أن يغريه به وانما مراده دعني وكن كمن شغل عنى وأما ثالثا فليس في الحديث اغراء الغائب بل الخطاب للحاضرين الذين خاطبهم أولا بقوله من استطاع منكم فالهاء في قوله فعليه ليست للغائب وانما هي للحاضر المبهم إذ لا يصح خطابه بالكاف ونظير هذا قوله كتب عليكم القصاص في القتلى إلى أن قال فمن عفى له من أخيه شئ ومثله لو قلت لاثنين من قام منكما فله درهم فالهاء للمبهم من
(٩٤)