وعشرين بابا * الحديث الثالث (قوله قال أصبغ) كذا في جميع الروايات التي وقفت عليها وكلام أبى نعيم في المستخرج يشعر بأنه قال فيه حديثا وقد وصله جعفر الفريابي في كتاب القدر والجوزقي في الجمع بين الصحيحين والإسماعيلي من طرق عن أصبغ وأخرجه أبو نعيم من طريق حرملة عن ابن وهب وذكر مغلطاي أنه وقع عند الطبري رواه البخاري عن أصبغ بن محمد وهو غلط هو اصبغ بن الفرج ليس في آبائه محمد (قوله انى رجل شاب وأنا أخاف) في رواية الكشميهني وانى أخاف وكذا في رواية حرملة (قوله العنت) بفتح المهملة والنون ثم مثناة هو الزنا هنا ويطلق على الاثم والفجور والامر الشاق والمكروه وقال ابن الأنباري أصل العنت الشدة قوله ولا أجد 2 ما أتزوج النساء فسكت عنى) كذا وقع وفى رواية حرملة ولا أجد ما أتزوج النساء فائذن لي أختصي وبهذا يرتفع الاشكال عن مطابقة الجواب للسؤال (قوله جف القلم بما أنت لاق) أي نفذ المقدور بما كتب في اللوح المحفوظ فبقى القلم الذي كتب به جافا لا مداد فيه لفراغ ما كتب به قال عياض كتابة الله ولوحه وقلمه من غيب علمه الذي نؤمن به ونكل علمه إليه (قوله فاختص على ذلك أو ذر) في رواية الطبري وحكاها الحميدي في الجمع ووقعت في المصابيح فاقتصر على ذلك أو ذر قال الطيبى معناه اقتصر على الذي أمرتك به أو اتركه وافعل ما ذكرت من الخصاء اه واما اللفظ الذي وقع في الأصل فمعناه فافعل ما ذكرت أو اتركه واتبع ما أمرتك به وعلى الروايتين فليس الامر فيه لطلب الفعل بل هو للتهديد وهو كقوله تعالى وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر والمعنى ان فعلت أو لم تفعل فلا بد من نفوذ القدر وليس فيه تعرص لحكم الخصاء ومحصل الجواب أن جميع الأمور بتقدير الله في الأزل فالخصاء وتركه سواء فان الذي قدر لا بد أن يقع وقوله على ذلك هي متعلقة بمقدر أي اختص حال استعلائك على العلم بان كل شئ بقضاء الله وقدره وليس اذنا في الخصاء بل فيه إشارة إلى النهى عن ذلك كأنه قال إذا علمت أن كل شئ بقضاء الله فلا فائدة في الاختصاء وقد تقدم أنه صلى الله عليه وسلم نهى عثمان بن مظعون لما استأذنه في ذلك وكانت وفاته قبل هجرة أبي هريرة بمدة وأخرج الطبراني من حديث ابن عباس قال شكا رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم العزوبة فقال ألا أختصي قال ليس منا من خصى أو اختصى وفى الحديث ذم الاختصاء وقد تقدم ما فيه وأن القدر إذا نفذ لا تنفع الحيل وفيه مشروعية شكوى الشخص ما يقع له للكبير ولو كان مما يستهجن ويستقبح وفيه إشارة إلى أن من لم يجد الصداق لا يتعرض للتزويج وفيه جواز تكرار الشكوى إلى ثلاث والجواب لمن لا يقنع بالسكوت وجواز السكوت عن الجواب لمن يظن به أنه يفهم المراد من مجرد السكوت وفيه استحباب أن يقدم طالب الحاجة بين يدي حاجته عذره في السؤال وقال الشيخ أبو محمد بن أبي جمرة نفع الله به ويؤخذ منه أن مهما أمكن المكلف فعل شئ من الأسباب المشروعة لا يتوكل الا بعد عملها لئلا يخالف الحكمة فإذا لم يقدر عليه وطن نفسه على الرضا بما قدره عليه مولاه ولا يتكلف من الأسباب ما لا طاقة به له وفيه أن الأسباب إذا لم تصادف القدر لا تجدى فان قيل لم لم يؤمر أبو هريرة بالصيام لكسر شهوته كان أمر غيره فالجواب أن أبا هريرة كان الغالب من حاله ملازمة الصيام لأنه كان من أهل الصفة (قلت) ويحتمل أن يكون أبو هريرة سمع يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج
(١٠٣)