المستطيع الذي يخاف الضرر على نفسه ودينه عن العزوبة بحيث لا يرتفع عنه ذلك الا بالتزويج لا يختلف في وجوب التزويج عليه ونبه ابن الرفعة على صورة يحب فيها وهى ما إذا نذره حيث كان مستحبا وقال ابن دقيق العيد قسم بعض الفقهاء النكاح إلى الأحكام الخمسة وجعل الوجوب فيما إذا خاف العنت وقدر على النكاح وتعذر التسري وكذا حكاه القرطبي عن بعض علمائهم وهو المازري قال فالوجوب في حق من لا ينكف عن الزنا الا به كما تقدم قال والتحريم في حق من يخل بالزوجة في الوطء والانفاق مع عدم قدرته عليه وتوقانه إليه والكراهة في حق مثل هذا حيث لا اضرار بالزوجة فان انقطع بذلك عن شئ من أفعال الطاعة من عبادة أو اشتغال بالعلم اشتدت الكراهة وقيل الكراهة فيما إذا كان ذلك في حال العزوبة أجمع منه في حال التزويج والاستحباب فيما إذا حصل به معنى مقصودا من كسر شهوة واعفاف نفس وتحصين فرج ونحو ذلك والإباحة فيما انتفت الدواعي والموانع ومنهم ممن استمر بدعوى الاستحباب فيمن هذه صفته للظواهر الواردة في الترغيب فيه قال عياض هو مندوب في حق كل من يرجى منه النسل ولو لم يكن له في الوطء شهوة لقوله صلى الله عليه وسلم فانى مكاثر بكم ولظواهر الحض على النكاح والامر به وكذا في حق من له رغبة في نوع من الاستمتاع بالنساء غير الوطء فأما من لا ينسل ولا أرب له في النساء ولا في الاستمتاع فهذا مباح في حقه إذا علمت المرأة بذلك ورضيت وقد يقال إنه مندوب أيضا لعموم قوله لا رهبانية في الاسلام وقال الغزالي في الاحياء من اجتمعت له فوائد النكاح وانتفت عنه آفاته فالمستحب في حقه التزويج ومن لا فالترك له أفضل ومن تعارض الامر في حقه فليجتهد ويعمل بالراجح (قلت) الأحاديث الواردة في ذلك كثيرة فأما حديث فانى مكاثر بكم فصح من حديث أنس بلفظ تزوجوا الودود الولود فانى مكاثر بكم يوم القيامة أخرجه ابن حبان وذكره الشافعي بلاغا عن ابن عمر بلفظ تناكحوا تكاثروا فانى أباهى بكم الأمم وللبيهقي من حديث أبي أمامة تزوجوا فانى مكاثر بكم الأمم ولا تكونوا كرهبانية النصارى وورد فانى مكاثر بكم أيضا من حديث الصنابحي ابن الأعسر ومعقل بن يسار وسهل بن حنيف وحرملة بن النعمان وعائشة وعياض بن غنم ومعاوية بن حيده وغيرهم وأما حديث لا رهبانية في الاسلام فلم أره بهذا اللفظ لكن في حديث سعد بن أبي وقاص عند الطبراني ان الله أبدلنا بالرهبانية الحنيفية السمحة وعن ابن عباس رفعه لا صرورة في الاسلام أخرجه أحمد وأبو داود وصححه الحاكم وفى الباب حديث النهى عن التبتل وسيأتى في باب مفرد وحديث من كان موسرا فلم ينكح فليس منا أخرجه الدارمي والبيهقي من حديث ابن أبي نجيح وجزم بأنه مرسل وقد أورده البغوي في معجم الصحابة وحديث طاوس قال عمر بن الخطاب لأبي الزوائد انما يمنعك من التزويج عجز أو فجور أخرجه ابن أبي شيبة وغيره وقد تقدم في الباب الأول الإشارة إلى حديث عائشة النكاح سنتي فمن رغب عن سنتي فليس منى وأخرج الحاكم من حديث أنس رفعه من رزقه الله امرأة صالحة فقد أعانه على شطر دينه فليتق الله في الشطر الثاني وهذه الأحاديث وإن كان في الكثير منها ضعف فمجموعها يدل على أن لما يحصل به المقصود من الترغيب في التزويج أصلا لكن في حق من يتأتى منه النسل كما تقدم والله أعلم وفى الحديث أيضا ارشاد العاجز عن مؤن النكاح إلى الصوم لان
(٩٦)