وجه آخر عن محمد بن سيرين مطولا ولفظه فقلت له إذا طلق الرجل امرأته وهى حائض أيعتد بتلك التطليقة قال فمه أو ان عجز واستحمق وفى رواية له فقلت أفتحتسب عليه والباقي مثله وقوله فمه أصله فما وهو استفهام فيه اكتفاء أي فما يكون ان لم تحتسب ويحتمل أن تكون الهاء أصلية وهى كلمة تقال للزجر أي كف عن هذا الكلام فإنه لا بد من وقوع الطلاق بذلك قال ابن عبد البر قول ابن عمر فمه معناه فأي شئ يكون إذا لم يعتد بها انكارا لقول السائل أيعتد بها فكأنه قال وهل من ذلك بد وقوله أرأيت ان عجز واستحمق أي ان عجز عن فرض فلم يقمه أو استحمق فلم يأت به أيكون ذلك عذرا له وقال الخطابي في الكلام حذف أي أرأيت ان عجز واستحمق أيسقط عنه الطلاق حمقه أو يبطله عجزه وحذف الجواب لدلالة الكلام عليه وقال الكرماني يحتمل أن يكون ان نافية بمعنى ما أي لم يعجز ابن عمر ولا استحمق لأنه ليس بطفل ولا مجنون قال وإن كانت الرواية بفتح ألف أن فمعناه أظهر والتاء من استحمق مفتوحة قاله ابن الخشاب وقال المعنى فعل فعلا يصيره أحمق عاجزا فيسقط عنه حكم الطلاق عجزه أو حمقه والسين والتاء فيه إشارة إلى أنه تكلف الحمق بما فعله من تطليق امرأته وهى حائض وقد وقع في بعض الأصول بضم التاء مبنيا للمجهول أي أن الناس استحمقوه بما فعل وهو موجه وقال المهلب معنى قوله إن عجز واستحمق يعنى عجز في المراجعة التي أمر بها عن ايقاع الطلاق أو فقد عقله فلم تمكن منه الرجعة أتبقى المرأة معلقة لا ذات بعل ولا مطلقة وقد نهى الله عن ذلك فلا بد أن تحتسب بتلك التطليقة التي أوقعها على غير وجهها كما أنه لو عجز عن فرض آخر لله فلم يقمه واستحمق فلم يأت به ما كان يعذر بذلك ويسقط عنه (قوله حدثنا أبو معمر) كذا في رواية أبي ذر وهو ظاهر كلام أبى نعيم في المستخرج وللباقين وقال أبو معمر وبه جزم الإسماعيلي وسقط هذا الحديث من رواية النسفي أصلا (قوله عن ابن عمر قال حسبت على بتطليقة) هو بضم أوله من الحساب وقد أخرجه أبو نعيم من طريق عبد الصمد بن عبد الوارث عن أبيه مثل ما أخرجه البخاري مختصرا وزاد يعنى حين طلق امرأته فسأل عمر النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك قال النووي شذ بعض أهل الظاهر فقال إذا طلق الحائض لم يقع الطلاق لأنه غير مأذون فيه فأشبه طلاق الأجنبية وحكاه الخطابي عن الخوارج والروافض وقال ابن عبد البر لا يخالف في ذلك الا أهل البدع والضلال يعنى الآن قال وروى مثله عن بعض التابعين وهو شذوذ وحكاه ابن العربي وغيره عن ابن علية يعنى إبراهيم بن إسماعيل ابن علية الذي قال الشافعي في حقه إبراهيم ضال جلس في باب الضوال يضل الناس وكان بمصر وله مسائل ينفرد بها وكان من فقهاء المعتزلة وقد غلط فيه من ظن أن المنقول عنه المسائل الشاذة أبوه وحاشاه فإنه من كبار أهل السنة وكان النووي أراد ببعض الظاهرية ابن حزم فإنه ممن جرد القول بذلك وانتصر له وبالغ وأجاب عن أمر ابن عمر بالمراجعة بان ابن عمر كان اجتنبها فامره أن يعيدها إليه على ما كانت عليه من المعاشرة فحمل المراجعة على معناها اللغوي وتعقب بان الحمل على الحقيقة الشرعية مقدم على اللغوية اتفاقا وأجاب عن قول ابن عمر حسبت على بتطليقة بأنه لم يصرح بمن حسبها عليه ولا حجة في أحد دون رسول الله صلى الله عليه وسلم وتعقب بأنه مثل قول الصحابي أمرنا في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بكذا فإنه ينصرف إلى من له الامر حينئذ وهو النبي صلى الله عليه وسلم كذا قال بعض الشراح وعندي أنه لا ينبغي أن يجئ
(٣٠٧)