البديع يسمى التنميم لأنها لو اقتصرت على قولها وأنا أغلبه لظن أنه جبان ضعيف فلما قالت والناس يغلب دل على أن غلبها إياه انما هو من كرم سجاياه فتممت بهذه الكلمة المبالغة في حسن أوصافه (قوله قالت التاسعة زوجي رفيع العماد طويل النجاد عظيم الرماد قريب البيت من الناد) زاد الزبير بن بكار في روايته لا يشبع ليله يضاف ولا ينام ليله يخاف وصفته بطول البيت وعلوه فان بيوت الاشراف كذلك يعلونها ويضربونها في المواضع المرتفعة ليقصدهم الطارقون والوافدون فطول بيوتهم اما لزيادة شرفهم أو لطول قاماتهم وبيوت غيرهم قصار وقد لهج الشعراء بمدح الأول وذم الثاني كقوله * قصار البيوت لا ترى صهواتها * وقال آخر - إذا دخلوا بيوتهم أكبوا * على الركبات من قصر العماد - ومن لازم طول البيت أن يكون متسعا فيدل على كثرة الحاشية والغاشية وقيل كنت بذلك عن شرفه ورفعة قدره والنجاد بكسر النون وجيم خفيفة حمالة السيف تريد أنه طويل القامة يحتاج إلى طول نجاده وفى ضمن كلامها أنه صاحب سيف فأشارت إلى شجاعته وكانت العرب تتمادح بالطول وتذم بالقصر وقولها عظيم الرماد تعنى أن نار قراه للأضياف لا تطفئ لنهتدى الضيفان إليها فيصير رماد النار كثيرا لذلك وقولها قريب البيت من الناد وقفت عليها بالسكون لمؤاخاة السجع والنادى والندى مجلس القوم وصفته بالشرف في قومه فهم إذا تفاوضوا واشتوروا في أمر أتوا فجلسوا قريبا من بيته فاعتمدوا على رأيه وامتثلوا أمره أو أنه وضع بيته في وسط الناس ليسهل لقاؤه ويكون أقرب إلى الوارد وطالب القرى قال زهير - بسط البيوت لكي يكون مظنة * من حيث توضع جفنة المسترفد - ويحتمل أن تريد أن أهل النادي إذا أتوه لم يصعب عليهم لقاؤه لكونه لا يحتجب عنهم ولا يتباعد منهم بل يقرب ويتلقاهم ويبادر لاكرامهم وضد من يتوارى بأطراف الحلل واغوار المنازل ويبعد عن سمت الضيف لئلا يهتدوا إلى مكانه فإذا استبعدوا موضعه صدوا عنه ومالوا إلى غيره ومحصل كلامها أنها وصفته بالسيادة والكرم وحسن الخلق وطيب المعاشرة (قوله قالت العاشرة زوجي مالك وما مالك مالك خير من ذلك له ابل كثيرات المبارك قليلات المسارح وإذا سمعن صوت المزهر أيقن أنهن هوالك) وقع في رواية عمر بن عبد الله عند النسائي والزبير المبارح بدل المبارك وفى رواية أبى يعلى المزاهر بصيغة الجمع وعند الزبير الضيف بدل المزهر والمبارك بفتحتين جمع مبرك وهو موضع نزول الإبل والمسارح جمع مسرح وهو الموضع الذي تطلق لترعى فيه والمزهر بكسر الميم وسكون الزاي وفتح الهاء آلة من آلات اللهو وقيل هي العود وقيل دف مربع وأنكر أبو سعيد الضرير تفسير المزهر بالعود فقال ما كانت العرب تعرف العود الا من خالط الحضر منهم وانما هو بضم الميم وكسر الهاء وهو الذي يوقد النار فيزهرها للضيف فإذا سمعت الإبل صوته ومعمعان النار عرفت أن ضيفا طرق فتيقنت الهلاك وتعقبه عياض بأن الناس كلهم رووه بكسر الميم وفتح الهاء ثم قال ومن الذي أخبره أن مالكا المذكور لم يخالط الحضر ولا سيما مع ما جاء في بعض طرق هذا الحديث انهن كن من قرية من قرى اليمن وفى الأخرى انهن من أهل مكة وقد كثر ذكر المزهر في أشعار العرب جاهليتها واسلامها بدويها وحضريها اه ويرد عليه أيضا وروده بصيغة الجمع فإنه بعينه للآلة ووقع في رواية يعقوب
(٢٣٠)