وقال أبو عبيد تأوله بعضهم من دياس الطعام وهو دراسة وأهل العراق يقولون الدياس وأهل الشام الدراس فكأنها أرادت أنهم أصحاب زرع وقال أبو سعيد المراد أن عندهم طعاما منتقى وهم في دياس شئ آخر فخيرهم متصل (قوله ومنق) بكسر النون وتشديد القاف قال أبو عبيد لا أدرى معناه وأظنه بالفتح من تنقى الطعام وقال ابن أبي أويس المنق بالكسر نقيق أصوات المواشي تصف كثرة ماله وقال أبو سعيد الضرير هو بالكسر من نقيقة الدجاج يقال أنق الرجل إذا كان له دجاج قال القرطبي لا يقال لشئ من أصوات المواشي نق وانما يقال نق الضفدع والعقرب والدجاج ويقال في الهر بقلة وأما قول أبي سعيد فبعيد لان العرب لا تتمدح بالدجاج ولا تذكرها في الأموال وهذا الذي أنكره القرطبي لم يرده أبو سعيد وانما أراد ما فهمه الزمخشري فقال كأنها أرادت من يطرد الدجاج عن الحب فينق وحكى الهروي أن المنق بالفتح الغربال وعن بعض المغاربة يجوز أن يكون بسكون النون وتخفيف القاف أي له انعام ذات نقى أي سمان والحاصل أنها ذكرت انه نقلها من شظف عيش أهلها إلى الثروة الواسعة من الخيل والإبل والزرع وغير ذلك ومن أمثالهم ان كنت كاذبا فحلبت قاعدا أي صار مالك غنما يحلبها القاعد وبالضد أهل الإبل والخيل (قوله فعنده أقول) في رواية للنسائي أنطق وفى رواية الزبير أتكلم (قوله فلا أقبح) أي فلا يقال لي قبحك الله أو لا يقبح قولي ولا يرد على أي لكثرة اكرامه لها وتدللها عليه لا يرد لها قولا ولا يقبح عليها ما تأتى به ووقع في رواية الزبير فبينما أنا عنده أنام إلى آخره (قوله وأرقد فأتصبح) أي أنام الصبحة وهى نوم أول النهار فلا أوقظ إشارة إلى أن لها من يكفيها مؤنة بيتها ومهنة أهلها (قوله وأشرب فأتقنح) كذا وقع بالقاف والنون الثقيلة ثم المهملة قال عياض لم يقع في الصحيحين الا بالنون ورواه الأكثر في غيرهما بالميم (قلت) وسيأتي بيان ذلك في آخر الكلام على هذا الحديث حيث نقل البخاري أن بعضهم رواه بالميم قال أبو عبيد أتقمح أي أروى حتى لا أحب الشرب مأخوذ من الناقة القامح وهى التي ترد الحوض فلا تشرب وترفع رأسها ريا وأما بالنون فلا أعرفه انتهى وأثبت بعضهم ان معنى اتقنه ح بمعنى أتقمح لان النون والميم يتعاقبان مثل امتقع لونه وانتقع وحكى شمر عن أبي زيد التقنح الشرب بعد الري وقال ابن حبيب الري بعد الري وقال أبو سعيد هو الشرب على مهل لكثرة اللبن لأنها كانت آمنة من قلته فلا تبادر إليه مخافة عجزه وقال أبو حنيفة الدينوري قنحت من الشراب تكارهت عليه بعد الري وحكى القالي قنحت الإبل تقنح بفتح النون في الماضي والمستقبل قنحا بسكون النون وبفتحها أيضا إذا تكارهت الشرب بعد الري وقال أبو زيد وابن السكيت أكثر كلامهم تقنحت تقنحا بالتشديد وقال ابن السكيت معنى قولها فأتقنح أي لا يقطع على شربي فتوارد هؤلاء كلهم على أن المعنى أنها تشرب حتى لا تجد مساغا أو انها لا يقلل مشروبها ولا يقطع عليها حتى تتم شهوتها منه وأغرب أبو عبيد فقال لا أراها قالت ذلك الا لعزة الماء عندهم أي فلذلك فخرت بالري من الماء وتعقبوه بأن السياق ليس فيه التقييد بالماء فيحتمل أن تريد أنواع الأشربة من لبن وخمر ونبيذ وسويق وغير ذلك ووقع في رواية الإسماعيلي عن البغوي فأتفتح بالفاء والمثناة قال عياض ان لم يكن وهما فمعناه التكبر والزهو يقال في فلان فتحة إذا تاه وتكبر ويكون ذلك تحصل لها من نشأة الشراب أو يكون راجعا إلى جميع ما تقدم أشارت به إلى عزتها عنده وكثرة الخير لديها فهي
(٢٣٣)