أهلكها (قوله قالت الرابعة زوجي كليل تهامة لا حر ولا قر ولا مخافة ولا سآمة) بالفتح بغير تنوين مبنية مع لا على الفتح وجاء الرفع مع التنوين فيها وهى رواية أبى عبيد قال أبو البقاء وكأنه أشبع بالمعنى أي ليس فيه حر فهو اسم ليس وخبرها محذوف قال ويقويه ما وقع من التكرير كذا قال وقد وقع في القراءات المشهورة البناء على الفتح في الجميع والرفع مع التنوين وفتح البعض ورفع البعض وذلك في مثل قوله تعالى لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة ومثل فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج ووقع في رواية عمر بن عبد الله عند النسائي ولا برد بدل ولا قر زاد في رواية الهيثم ولا خامة بالخاء المعجمة أي لا ثقل عنده تصف زوجها بذلك وانه لين الجانب خفيف الوطاءة على الصاحب ويحتمل أن يكون ذلك من بقية صفة الليل وفى رواية الزبير بن بكار والغيث غيث غمامة قال أبو عبيد أرادت انه لا شر فيه يخاف وقال ابن الأنباري أرادت بقولها ولا مخافة أي أن أهل تهامة لا يخافون لتحصنهم بجبالها أو أرادت وصف زوجها بأنه حامى الذمار مانع لداره وجاره ولا مخافة عند من يأوى إليه ثم وصفته بالجود وقال غيره قد ضربوا المثل بليل تهامة في الطيب لأنها بلاد حارة في غالب الزمان وليس فيها رياح باردة فإذا كان الليل كان وهج الحر ساكنا فيطيب الليل لأهلها بالنسبة لما كانوا فيه من أذى حر النهار فوصفت زوجها بجميل العشرة واعتدال الحال وسلامة الباطن فكأنها قالت لا أذى عنده ولا مكروه وأنا آمنة منه فلا أخاف من شره ولا ملل عنده فيسأم من عشرتي أوليس بسئ الخلق فأسأم من عشرته فأنا لذيذة العيش عنده كلذة أهل تهامة بليلهم المعتدل (قوله قالت الخامسة زوجي ان دخل فهد وان خرج أسد ولا يسأل عما عهد) قال أبو عبيد فهد بفتح الفاء وكسر الهاء مشتق من الفهد وصفته بالغفلة عند دخول البيت على وجه المدح له وقال ابن حبيب شبهته في لينه وغفلته بالفهد لأنه يوصف بالحياء وقلة الشر وكثرة النوم وقوله أسد بفتح الألف وكسر السين مشتق من الأسد أي يصير بين الناس مثل الأسد وقال ابن السكيت تصفه بالنشاط في الغزو وقال ابن أبي أويس معناه ان دخل البيت وثب على وثوب الفهد وان خرج كان في الاقدام مثل الأسد فعلى هذا يحتمل قوله وثب على المدح والذم فالأول تشير إلى كثرة جماعة لها إذا دخل فينطوى تحت ذلك تمدحها بأنها محبوبة لديه بحيث لا يصبر عنها إذا رآها والذم اما من جهة أنه غليظ الطبع ليست عنده مداعبة ولا ملاعبة قبل المواقعة بل يثبت وثوبا كالوحش أو من جهة أنه كان سئ الخلق يبطش بها ويضربها وإذا خرج على الناس كان أمره أشد في الجرأة والاقدام والمهابة كالأسد قال عياض فيه مطابقة بين خرج ودخل لفظية وبين فهد وأسد معنوية ويسمى أيضا المقابلة وقولها ولا يسأل عما عهد يحتمل المدح والذم أيضا فالمدح بمعنى انه شديد الكرم كثير التغاضي لا يتفقد ما ذهب من ماله وإذا جاء بشئ لبيته لا يسال عنه بعد ذلك أو لا يلتفت إلى ما يرى في البيت من المعايب بل يسامح ويغضى ويحتمل الذم بمعنى انه غير مبال بحالها حتى لو عرف أنها مريضة أو معوزة وغاب ثم جاء لا يسال عن شئ من ذلك ولا يتفقد حال أهله ولا بيته بل إن عرضت له بشئ من ذلك وثب عليها بالبطش والضرب وأكثر الشراح شرحوه على المدح فالتمثيل بالفهد من جهة كثرة التكرم أو الوثوب وبالأسد من جهة الشجاعة وبعدم السؤال من جهة المسامحة وقال عياض حمله الأكثر على الاشتقاق من خلق الفهد اما من جهة قوة وثوبه واما من كثرة
(٢٢٦)