هما حديثان يأتي شرح الأول منهما في كتاب الأدب وقد أخرجه مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة عن حسين بن علي الجعفي شيخ شيخ البخاري فيه فلم يذكر الحديث الأول وذكر بدله من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فإذا شهد امرؤ فليتكلم بخير أو ليسكت والذي يظهر أنها أحاديث كانت عند حسين الجعفي عن زائدة بهذا الاسناد فربما جمع وربما أفرد وربما استوعب وربما اقتصر وقد تقدم في بدء الخلق من وجه آخر عن حسين بن علي مقتصرا على الثاني وكذا أخرجه النسائي عن القاسم بن زكريا عن حسين بن علي وأخرجه الإسماعيلي عن أبي يعلى عن إسحاق بن أبي إسرائيل عن حسين بن علي بالأحاديث الثلاثة وزاد ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليحسن قرى ضيفه الحديث (قوله فإنهن خلقن من ضلع بكسر الضاد المعجمة وفتح اللام وقد تسكن وكان فيه إشارة إلى ما أخرجه ابن إسحاق في المبتدا عن ابن عباس أن حواء خلقت من ضلع آدم الأقصر الأيسر وهو نائم وكذا أخرجه ابن أبي حازم وغيره من حديث مجاهد وأغرب النووي فعزاه للفقهاء أو بعضهم فكان المعنى أن النساء خلقن من أصل خلق من شئ معوج وهذا لا يخالف الحديث الماضي من تشبيه المرأة بالضلع بل يستفاد من هذا نكتة التشبيه وانها عوجاء مثله لكون أصلها منه وقد تقدم شئ من ذلك في كتاب بدء الخلق (قوله وان أعوج شئ في الضلع أعلاه) ذكر ذلك تأكيدا لمعنى الكسر لان الإقامة أمرها أظهر في الجهة العليا أو إشارة إلى أنها خلقت من أعوج أجزاء الضلع مبالغة في اثبات هذه الصفة لهن ويحتمل أن يكون ضرب ذلك مثلا لاعلى المرأة لان أعلاها رأسها وفيه لسانها وهو الذي يحصل منه الأذى واستعمل أعوج وإن كان من العيوب لأنه أفعل للصفة أو أنه شاذ وانما يمتنع عند الالتباس بالصفة فإذا تميز عنه بالقرينة جاز البناء (قوله فان ذهبت تقيمه كسرته) الضمير للضلع لا لأعلى الضلع وفى الرواية التي قبله ان أقمتها كسرتها والضمير أيضا للضلع وهو يذكر ويؤنث ويحتمل أن يكون للمرأة ويؤيده قوله بعده وان استمتعت بها ويحتمل أن يكون المراد بكسره الطلاق وقد وقع ذلك صريحا في رواية سفيان عن أبي الزناد عند مسلم وان ذهبت تقيمها كسرتها وكسرها طلاقها (قوله وان تركته لم يزل أعوج) أي وان لم تقمه وقوله فاستوصوا أي أوصيكم بهن خيرا فاقبلوا وصيتي فيهن واعملوا بها قاله البيضاوي والحامل على هذا التقدير أن الاستيصاء استفعال وظاهره طلب الوصية وليس هو المراد وقد تقدم له توجيهات أخر في بدء الخلق (قوله بالنساء خيرا) كأن فيه رمزا إلى التقويم برفق بحيث لا يبالغ فيه فيكسر ولا يتركه فيستمر على عوجه والى هذا أشار المؤلف باتباعه بالترجمة التي بعده باب قوا أنفسكم وأهليكم نارا فيؤخذ منه أن لا يتركها على الاعوجاج إذا تعدت ما طبعت عليه من النقص إلى تعاطى المعصية بمباشرتها أو ترك الواجب وانما المراد أن يتركها على اعوجاجها في الأمور المباحة وفى الحديث الندب إلى المداراة لاستمالة النفوس وتألف القلوب وفيه سياسة النساء بأخذ العفو منهن والصبر على عوجهن وان من رام تقويمهن فإنه الانتفاع بهن مع أنه لا غنى للانسان عن امرأة يسكن إليها ويستعين بها على معاشه فكأنه قال الاستمتاع بها لا يتم الا بالصبر عليها (قوله حدثنا سفيان) هو الثوري (قوله عن عبد الله بن دينار (قوله كنا نتقى) أي نتجنب وقد بين سبب ذلك بقوله هيبة أن ينزل فينا شئ أي من القرآن ووقع صريحا في رواية ابن مهدي عن الثوري عند ابن
(٢١٩)