نومه ولهذا ضربوا المثل به فقالوا أنوم من فهد قال ويحتمل أن يكون من جهة كثرة كسبه لانهم قالوا في المثل أيضا أكسب من فهد وأصله ان الفهود الهرمة تجتمع على فهد منها فتى فيتصيد عليها كل يوم حتى يشبعها فكأنها قالت إذا دخل المنزل دخل معه بالكسب لأهله كما يجئ الفهد لمن يلوذ به من الفهود الهرمة ثم لما كان في وصفها له بخلق الفهد ما قد يحتمل الذم من جهة كثرة النوم رفعت اللبس بوصفها له بخلق الأسد فأفصحت ان الأول سجية كرم ونزاهة شمائل ومسامحة في العشرة لا سجية جبن وجور في الطبع قال عياض وقد قلب الوصف بعض الرواة يعنى كما وقع في رواية الزبير بن بكار فقال إذا دخل أسد وإذا خرج فهد فإن كان محفوظا فمعناه انه إذا خرج إلى مجلسه كان على غاية الرزانة والوقار وحسن السمت أو على الغاية من تحصيل الكسب وإذا دخل منزله كان متفضلا مواسيا لان الأسد يوصف بأنه إذا افترس أكل من فريسته بعضا وترك الباقي لمن حوله من الوحوش ولم يهاوشهم عليها وزاد في رواية الزبير بن بكار في آخره ولا يرفع اليوم لغد يعنى لا يدخر ما حصل عنده اليوم من أجل الغد فكنت بذلك عن غاية جوده ويحتمل أن يكون المراد انه يأخذ بالحزم في جميع أموره فلا يؤخر ما يجب عمله اليوم إلى غده (قوله قالت السادسة زوجي ان أكل لف وان شرب اشتف وان اضطجع التف ولا يولج الكف ليعلم البث) في رواية عمر بن عبد الله عند النسائي إذا أكل اقتف وفيه وإذا نام بدل اضطجع وزاد وإذا ذبح اغتث أي تحرى الغث وهو الهزيل كما تقدم في شرح كلام الأولى وفى رواية الطبراني ولا يدخل بدل يولج وإذا رقد بدل اضطجع وفى رواية الترمذي والطبراني فيعلم بالفاء بدل اللام في رواية غيره والمراد باللف الاكثار منه واستقصاؤه حتى لا يترك منه شيئا وقال أبو عبيد الاكثار مع التخليط يقال لف الكتيبة بالأخرى إذا خلطها في الحرب ومنه اللفيف من الناس فأرادت أنه يخلط صنوف الطعام من نهمته وشرهه ثم لا يبقى منه شيئا وحكى عياض رواية من رواه رف بالراء بدل اللام قال وهى بمعناها ورواية من رواه اقتف بالقاف قال ومعناه التجميع قال الخليل قفاف كل شئ جماعة واستيعابه ومنه سميت القفة لجمعها ما وضع فيها والاشتفاف في الشرب استقصاؤه مأخوذ من الشفافة بالضم والتخفيف وهى البقية تبقى في الاناء فإذا شربها الذي شرب الاناء قيل اشتفها ومنهم من رواها بالمهملة وهى بمعناها وقوله التف أي رقد ناحية وتلفف بكسائه وحده وانقبض عن أهله اعراضا فهي كئيبة حزينة لذلك ولذلك قالت ولا يولج الكف ليعلم البث أي لا يمد يده ليعلم ما هي عليه من الحزن فيزيله ويحتمل أن تكون أرادت أنه ينام نوم العاجز الفشل الكسل والمراد بالبث الحزن ويقال شدة الحزن ويطلق البث أيضا على الشكوى وعلى المرض وعلى الامر الذي لا يصبر عليه فأرادت أنه لا يسأل عن الامر الذي يقع اهتمامها به فوصفته بقلة الشفيقة عليها وانه أن لو رآها عليلة لم يدخل يده في ثوبها ليتفقد خبرها كعادة الأجانب فضلا عن الأزواج أو هو كناية عن ترك الملاعبة أو عن ترك الجماع كما سيأتي وقد اختلفوا في هذا فقال أبو عبيد كان في جسدها عيب فكان لا يدخل يده في ثوبها ليلمس ذلك العيب لئلا يشق عليها فمدحته بذلك وقد تعقبه كل من جاء بعده الا النادر وقالوا انما شكت منه وذمته واستقصرت حظها منه ودل على ذلك قولها قبل وإذا اضطجع التف كأنها قالت إنه يتجنبها ولا يدنيها منه ولا يدخل يده في جنبها فيلمسها ولا يباشرها ولا يكون منه ما يكون من
(٢٢٧)